القصة الحقيقية لفيلم واحد من الناس تفاصيل جريمة أركاديا مول الأشهر في مصر
هل شاهدت فيلم “واحد من الناس” للنجم كريم عبد العزيز وتأثرت بقصة الشاب البسيط الذي إنقلبت حياته بعدما أصبح شاهدًا على جريمة قتل مروعة في مكان عمله؟ إذا كنت كذلك فربما تجهل أن تلك الأحداث ليست مجرد خيال بل هي مستوحاة إلى حد كبير من إحدى أشهر قضايا القتل التي هزت مصر في مطلع الألفية وتعرف إعلاميًا بـ “حادثة أركاديا مول”.
بداية الواقعة : ليلة في “بومو دورو”
تعود القصة الحقيقية لفيلم واحد من الناس إلى يوم 12 أبريل عام 2001 وتحديدًا داخل أحد طوابق “أركاديا مول” الشهير في القاهرة.
جرت الواقعة في حانة راقية تحمل إسم “بومو دورو” وهو مكان كان مخصصًا وحصريًا للأعضاء من أبناء رجال الأعمال حيث كانت تبلغ قيمة الإشتراك العضوية فيه 20 ألف جنيه وهو مبلغ ضخم بمقاييس ذلك العام.
كان هذا النادي الليلي يُعدّ “صالة أولاد الذوات” وكانت سياسته تقتضي أن “ما يحدث بداخله يجب أن يظل بداخله” حيث كان المكان محميًا ببودي جارد خاص وممنوعًا على أمن المول التدخل أو حتى الإقتراب.
صراع الفيلة : الخلاف بين محمود روحي وعمر الهواري
كان أبطال الحادثة اثنان من أبناء الأثرياء الذين تربطهم معرفة مسبقة وتوجد بينهما منافسة سابقة على إحدى الفتيات. الطرف الأول هو محمود محيي الدين روحي البالغ من العمر 37 عامًا وصاحب شركة ليموزين والطرف الثاني هو عمر جمال الدين الهواري صاحب شركة استيراد وتصدير.

في تلك الليلة وتحديدًا في نحو الثالثة والنصف فجرًا إشتعل الشجار بينهما. كان سبب الخلاف المباشر هو معاكسة الفتيات أثناء الرقص على خشبة المسرح لتتصاعد بعدها حدة الكلمات ثم الشتائم وصولًا إلى التهديدات. وفي خضم هذا الشجار العنيف إنتهى الأمر بمقتل محمود روحي.
تفاصيل الجريمة: الطعنة القاتلة
في المشاجرة التي وصفتها بعض التقارير الصحفية بأنها “صراع الأفيال” أقدم عمر الهواري على طعن محمود روحي في قلبه بإستخدام مطواة مما أدى إلى وفاته.
ورغم أن الفيلم صوّر أداة الجريمة بأنها طلقة نارية إلا أن الواقع كان أكثر قسوة ووضوحًا على حد وصف المقالات.
لقد هرب عمر الهواري من المكان فور وقوع الجريمة. ومن ثم حاول لاحقًا إلقاء التهمة وإلصاقها بأحد الأشخاص الموجودين في البار ليلة الحادث.
وإستعان بالفعل ببعض الشهود لدعم روايته المزيفة لكن الحقيقة لم تختف إذ جاء آخرون ليشهدوا بأن المطواة المستخدمة في القتل تخص عمر نفسه وبأنه هو من وجه الطعنة القاتلة.
سير التحقيقات والحكم النهائي
تحولت القضية إلى مادة يومية في الصحافة التي تابعت تطوراتها لحظة بلحظة. وقد تم تصنيف الحادث في الصحف تحت عنوان “أبناء الأثرياء يخرقون القوانين بصلف وغباء” إذ كان القاتل والقتيل كلاهما من خريجي الجامعة الأمريكية وينتميان لعائلات شديدة الثراء.
ترجحت التحقيقات لفترة طويلة بسبب المحاولات الواضحة للتأثير على الشهود.
إحدى الشاهدات روت أنها تعرضت لتهديدات مباشرة من عائلة الهواري لإجبارها على تغيير أقوالها. غير أن شهادتها النهائية قلبت الموازين عندما أكدت أن الهواري هو القاتل ولقد حاول بشتى الطرق الإلتفاف على العدالة.
وبناءً على ذلك صدر الحكم النهائي بحق عمر الهواري وهو الأشغال الشاقة المؤبدة.
لقد شهدت القضية كل أنواع الصراع القانوني والاجتماعي والإعلامي الممكن حتى أن أسرة القتيل إستعانت بطبيب شرعي خاص للتحقيق في القضية لتنتهي القصة الحقيقية بإنتصار نسبي للعدالة بعد أن دفن محمود روحي في فيلا عائلته.
تطابق الخيال والواقع
لقد إستلهم صناع فيلم “واحد من الناس” القصة بشكل شبه متطابق مع الأحداث الحقيقية حيث يجد الشاب البسيط “محمود” (الذي يعمل حارسًا في جراج سيارات في الفيلم) نفسه شاهدًا على جريمة قتل داخل الجراج.
وبمجرد أن يقرر هذا الشاهد “قول الحقيقة” ينقلب مسار حياته تمامًا. لقد أصبح الفيلم يرتكز على تيمة الإنتقام المشابهة للأعمال العالمية مثل “الكونت دي مونت كريستو” إذ لا يجد البطل أمامه بعد سجنه ظلمًا سوى طريق واحد للإنتقام ممن دمروا حياته وهو ما يعكس المأساة الحقيقية للشاهد في حالتنا الواقعية أو الخيال السينمائي.














