لماذا لا تُعالج نزلات البرد والأمراض الفيروسية..المضادات الحيوية

غير مصنف

استمع الي المقالة
0:00

معركة سوء استخدام المضادات الحيوية: لماذا لا تُعالج نزلات البرد والأمراض الفيروسية بها؟

 

مقدمة: يعد الإفراط في استخدام المضادات الحيوية، خاصة في علاج أمراض الأطفال الشائعة، أحد أكبر التحديات التي تواجه الصحة العامة عالميًا. يعتقد العديد من الآباء أن المضاد الحيوي هو الحل السحري لأي ارتفاع في درجة الحرارة أو سعال، متجاهلين أن أغلب الأمراض الشائعة لدى الصغار هي أمراض فيروسية المنشأ، والتي لا تتأثر بالمضادات الحيوية على الإطلاق.

نزلات البرد والإنفلونزا: العدو الفيروسي الأول: تُعد نزلات البرد (الزكام) العدوى الأكثر شيوعًا بين الأطفال، وتسببها في الغالب مجموعة كبيرة من الفيروسات، أبرزها الفيروس الأنفي (Rhinovirus). كما أن الإنفلونزا هي الأخرى عدوى فيروسية موسمية.

  • لماذا لا تعمل المضادات الحيوية؟ المضادات الحيوية مصممة خصيصًا لمكافحة البكتيريا، وهي تعمل إما عن طريق قتل البكتيريا مباشرة أو منعها من التكاثر. ولأن الفيروسات تختلف في تركيبتها ودورة حياتها عن البكتيريا، فإن المضادات الحيوية تكون غير فعالة تمامًا في علاجها.
  • ماذا يسبب استخدامها إذن؟ استخدام المضاد الحيوي لعلاج مرض فيروسي لا يقدم أي فائدة للطفل، بل يضرّه من عدة جوانب:
    1. مقاومة المضادات الحيوية: تتعرض البكتيريا النافعة والضارة في جسم الطفل للدواء دون سبب، فتكتسب “مناعة” ضده. وعندما يصاب الطفل لاحقًا بعدوى بكتيرية حقيقية، قد لا ينجح المضاد الحيوي المعتاد في علاجها، مما يضطر الأطباء لاستخدام مضادات أقوى وأغلى، أو في بعض الأحيان تصبح العدوى غير قابلة للعلاج.
    2. الأعراض الجانبية: تسبب المضادات الحيوية اضطرابًا في التوازن البكتيري المعوي للطفل (الميكروبيوم)، مما يؤدي إلى أعراض جانبية شائعة مثل الإسهال، وآلام المعدة، والغثيان، وقد تزيد من خطر الإصابة ببعض الالتهابات الفطرية أو ردود فعل تحسسية.

أمراض فيروسية شائعة أخرى لا تحتاج مضادات حيوية: إلى جانب نزلات البرد والإنفلونزا، تشمل الأمراض التي تتطلب الراحة والعلاج الداعم للأعراض (وليس المضاد الحيوي) ما يلي:

  • التهاب القصبات الهوائية (Bronchitis): غالبًا ما يكون فيروسيًا، خاصة عند الأطفال الأكبر سنًا.
  • التهاب القصيبات (Bronchiolitis): وهو مرض شائع جدًا عند الرضع والأطفال الصغار، وسببه الرئيسي هو الفيروس المخلوي التنفسي (RSV)، وهو فيروسي.
  • معظم حالات التهاب الحلق: حوالي 70-80% من حالات التهاب الحلق سببها فيروسي. فقط حالات التهاب الحلق العقدي (Streptococcal Pharyngitis) هي التي تستدعي المضاد الحيوي لأنها بكتيرية.
  • إنفلونزا المعدة (Gastroenteritis): معظم حالات القيء والإسهال الحادة سببها فيروسي، وأبرزها فيروس الروتا (Rotavirus).

خاتمة: إن الوعي بطبيعة المرض هو الخطوة الأولى نحو العلاج السليم. يجب على الأمهات استشارة الطبيب لتحديد ما إذا كانت العدوى فيروسية أم بكتيرية، والابتعاد عن الإصرار على وصف المضادات الحيوية في الحالات التي لا تستلزم ذلك، حمايةً لمستقبل صحة أطفالهن من شبح مقاومة المضادات.