ما بعد كوب الحليب: كيف يضمن النشاط الرياضي بناء ذروة الكتلة العظمية لحماية الأطفال من هشاشة المستقبل؟
الهدف الأسمى لصحة العظام في مرحلة الطفولة والمراهقة هو الوصول إلى أعلى مُستوى مُمكن من ذروة الكتلة العظمية (Peak Bone Mass). هذه الذروة، التي تتشكل قبل سن الثلاثين، هي بمثابة “رصيد احتياطي” للعظام يُستخدم لمُقاومة الأمراض المُرتبطة بتقدم العمر مثل هشاشة العظام (Osteoporosis). ويُعد التركيز المُبالغ فيه على الحليب كعلاج سحري إغفالاً للدور الحيوي الذي تلعبه العوامل السلوكية، وعلى رأسها النشاط الرياضي، في تشكيل هذا “الرصيد”.
1. النافذة الحرجة: ذروة بناء العظام
تُعتبر مرحلة الطفولة والمُراهقة هي الفترة الزمنية التي تستطيع فيها العظام أن تُصبح أكثر كثافة وصلابة:
- بناء الأساس: تُشير الدراسات إلى أن الزيادة في كثافة العظام الناتجة عن ممارسة التمارين الرياضية في فترة ما قبل البلوغ تكون دائمة. هذا يعني أن إهمال النشاط البدني في هذه السنوات يُفوت فرصة لا تُعوَّض لتقوية الهيكل العظمي.
- العظام تتكيف مع الضغط: العظام نسيج حي يتكيف مع الضغط الميكانيكي. عندما يركض الطفل أو يقفز، فإن خلايا العظام تستجيب لهذه “الأحمال الميكانيكية” عن طريق إيداع المزيد من الكالسيوم والمعادن، مما يزيد من قوتها وكثافتها.
2. التنويع: مصادر الكالسيوم وسلامة الجهاز الهضمي
على الرغم من أهمية الحليب، لا يجب أن يكون هو المصدر الوحيد للكالسيوم:
- تجنب الحساسية والقيود: يُعاني بعض الأطفال من حساسية اللاكتوز أو حساسية الحليب، مما يجعل الاعتماد الكلي عليه أمراً غير عملي.
- التنويع الغذائي: تُوفر الخضروات الورقية الخضراء (مثل السبانخ والبروكلي)، والبقوليات، والأطعمة المُدعمة (مثل حليب اللوز أو الصويا) كميات كبيرة من الكالسيوم، وغالباً ما تكون مُحتوية على مُغذيات مُساعدة أخرى (مثل المغنيسيوم وفيتامين K) الضرورية لصحة العظام.
- الأثر الهضمي: الإفراط في الاعتماد على مصدر واحد للكالسيوم قد يُؤثر على توازن الجهاز الهضمي. التوازن الغذائي يضمن امتصاصاً أفضل وتغذية شاملة.
3. النظرة المُستقبلية: الحماية من هشاشة العظام
إن العادات التي يكتسبها الطفل في بناء عظامه هي استثمار مُباشر في مُستقبله. كل زيادة في ذروة الكتلة العظمية تعني تأخيراً في ظهور هشاشة العظام في سن الشيخوخة، وتقليلاً لخطر كسور الورك والعمود الفقري.













