خطورة تخطى وجبة الإفطار : يُعَرِّض مرضى السكري لنقص وارتفاع السكر معًا
لطالما سُميت وجبة الإفطار “أهم وجبة في اليوم”، وتزداد أهميتها بشكل خاص لدى الأشخاص المصابين بداء السكري.
إنَّ تجاوز هذه الوجبة الصباحية لا يقتصر تأثيره على الشعور بالجوع وحسب، بل يمتد ليؤدي إلى إضطرابات خطيرة في تنظيم مستويات سكر الدم، مما يُعرِّض المريض لمضاعفات صحية لا يُحمَد عقباها.
في الواقع، تعتمد قدرة الجسم على تنظيم الجلوكوز بكفاءة بشكل كبير على الإنتظام في مواعيد الوجبات.
أولاً: التأثير المباشر على مستويات السكر في الدم
إنَّ خطورة تخطى وجبة الإفطار يُعطِّل الآلية الطبيعية لتنظيم الجلوكوز في الجسم بطرق عدة، وعلى الرغم من الإعتقاد السائد بأنَّ الصيام قد يُفيد، إلا أنَّه غالبًا ما يؤدي إلى نتائج عكسية على المدى الطويل لمريض السكري:
1. خطر نقص سكر الدم (Hypoglycemia)
عندما يتناول مريض السكري أدويته، سواء كانت الأنسولين أو الأدوية الفموية التي تحفز إفراز الأنسولين، دون تناول وجبة الطعام المقررة، فمن المحتمل جدًا أن ينخفض مستوى السكر في دمه إلى مستويات خطيرة.
تُعرف هذه الحالة بنقص سكر الدم، وتتطلب تدخلًا فوريًا، إذ قد تسبب أعراضًا حادة مثل الدوار، والإرتباك، والتعرُّق، وفي الحالات الشديدة، الإغماء.
2. إضطراب “سكر الدم بعد الغداء” (Postprandial Hyperglycemia)
من جهة أخرى، يؤدي تجاوز وجبة الإفطار إلى شعور قوي بالجوع لاحقًا خلال اليوم.
هذا الشعور يدفع المريض في أغلب الأحيان إلى الإفراط في تناول الطعام في وجبتي الغداء أو العشاء. وبسبب إضعاف قدرة الجسم على التحكم في السكر بعد فترة صيام طويلة فإنَّ هذا الإفراط يؤدي إلى إرتفاع حاد ومفاجئ في سكر الدم بعد تناول الوجبة التالية وهو ما يُعرف بـ”إرتفاع سكر الدم بعد الغداء”. هذا التذبذب الحاد في مستويات السكر يضر بالأوعية الدموية والأعصاب بمرور الوقت.
ثانيًا: المضاعفات الأيضية والسلوكية
لا يقتصر التأثير على سكر الدم اللحظي وحسب، بل إنَّ تجاوز الإفطار يتسبب في تحولات أيضية وسلوكية قد تزيد من خطر تفاقم المرض ومضاعفاته:
1. زيادة تكون الكيتونات والحماض الكيتوني (Diabetic Ketoacidosis – DKA)
بالنسبة لمرضى السكري من النوع الأول تحديدًا، فإنَّ فترات الصيام الطويلة نسبيًا (كما يحدث عند تخطي الإفطار) قد تجعل الجسم يلجأ إلى تكسير الدهون للحصول على الطاقة.
تُنتج هذه العملية مركبات تُسمى الكيتونات، وقد يؤدي تراكمها إلى حالة الحماض الكيتوني السكري، وهي حالة طارئة تهدد الحياة.
2. إضطراب إستقلاب الدهون وزيادة الوزن
إضافة إلى ذلك، يميل الجسم عند تخطي وجبة الإفطار إلى إبطاء عملية التمثيل الغذائي إستعدادًا لحالة “طوارئ محتملة” مما يشجّع على تخزين الدهون والسعرات الحرارية.
بالتالي، يصبح الشخص أكثر عرضة لزيادة الوزن، التي هي بحد ذاتها عامل خطر لزيادة مقاومة الأنسولين وتفاقم مرض السكري.
3. الميل إلى الخيارات الغذائية غير الصحية
في سياق متصل، يترافق الجوع الشديد بعد تجاوز الإفطار مع رغبة متزايدة في تناول الأطعمة الغنية بالسكر والدهون والسعرات الحرارية لتعويض الطاقة المفقودة سريعًا.
وهذا يقلل من فرص إختيار وجبات صحية متوازنة، مما يؤثر سلبًا على السيطرة العامة على المرض.
ثالثًا: نصائح أساسية لمريض السكري
للحفاظ على صحة وإستقرار سكر الدم، يجب على مريض السكري أن يولي وجبة الإفطار الأهمية القصوى.
الخلاصة
إنَّ الإلتزام بتناول وجبة إفطار صحية ومتوازنة غنية بالبروتينات والألياف وقليلة الكربوهيدرات والسكريات البسيطة هو حجر الزاوية في خطة علاج مريض السكري.
لذلك، يُوصَى دائمًا بالتشاور مع الطبيب أو أخصائي التغذية لتحديد أفضل نظام غذائي ومواعيد وجبات تناسب الحالة الصحية الفردية، لضمان إستقرار سكر الدم وتجنُّب المضاعفات الخطيرة.














