في خطوة استراتيجية تستهدف تعزيز مكانتها كمركز إقليمي للطاقة النظيفة، كشف وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري عن هدف طموح لإنتاج 1.5 مليون طن من الهيدروجين الأخضر سنويًا بحلول عام 2030.
هذا الإعلان جاء ضمن استراتيجية أكبر لتحديث مزيج الطاقة في مصر نحو الاعتماد على مصادر متجددة، وتقليل الانبعاثات الكربونية لدعم أهداف التنمية المستدامة.
من جهتها، أعلنت الهيئة المصرية للطاقة الجديدة والمتجددة عن توقيع مذكرة تفاهم مع شركة صينية عملاقة لتطوير مشروع طاقة شمسية بقدرة 10 غيغاوات.
المشروع، الذي يُعد جزءًا من مبادرة “الممر الأخضر” في مصر، يسعى إلى إنتاج طاقة نظيفة كبيرة ستساعد في تشغيل وحدات تحليل المياه لإنتاج الهيدروجين الأخضر، وتقليل الاعتماد على الغاز في التشغيل.
كما أشارت الهيئة إلى خطة لبناء محطة ضخ وتخزين في السويس بقدرة وصلت إلى 2400 ميجاواط، بتكلفة حوالي 2.6 مليار دولار، بهدف استخدام موارد مائية – مثل مياه الصرف – في توليد الكهرباء بطرق مستدامة دون حرق وقود أحفوري.
أحد أبرز المشاريع الهيدروجينية هو مشروع في ميناء السخنة، تم التوقيع فيه على مذكرة للتعاون بين صندوق مصر السيادي، شركة أوراسكوم، شركة نرويجية “سكاتك”، وشركة “فيرتيجلوب” لإنتاج الهيدروجين الأخضر بمشروعات طاقة شمسية ورياح.
المشروع يستهدف إنتاج نحو 13 ألف طن سنويًا من الهيدروجين الأخضر، وتحويله إلى حوالي 70 ألف طن من الأمونيا الخضراء – وهي مادة مهمة للصناعة والأسمدة.
كما يتضمن الاتفاق إنشاء “مركز دولي للهيدروجين الأخضر” بالتعاون مع جامعة النيل ومنظمة الهيدروجين الأخضر GH2، لدعم البحث، بناء القدرات، وتطوير البنية التحتية اللوجستية للتصدير.
من الناحية الاستثمارية، يشير خبراء اقتصاديون إلى أن هذه المشروعات الهيدروجينية قد توفر مئات الآلاف من فرص العمل في مصر، خصوصًا في مجالات مثل تحليل الهيدروجين، إعادة تعبئة الهيدروجين، وصناعة الأمونيا الخضراء والتصدير.
أيضًا، هذا التوجه نحو الهيدروجين الأخضر يعزز من قدرة مصر على استغلال موقعها الجغرافي الاستراتيجي، لا سيما في منطقة قناة السويس، والتي تُعد بوابة مهمة لتصدير الطاقة النظيفة إلى أوروبا والدول الأخرى.
واحد من الشركاء الرئيسيين في هذه المشاريع هو “Scatec” النرويجية، التي طورت دراسة جدوى لمصنع هيدروجين أخضر في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس (SCZONE)، مع استغلال طاقة الرياح والطاقة الشمسية لإنتاج الكهرباء اللازمة لتحليل المياه.
وفق دراسة Scatec، سيتم تصدير جزء كبير من الأمونيا الخضراء إلى أسواق أوروبية، ما يعزز من الإمكانات التصديرية لمصر في قطاع الطاقة النظيفة.
من جهة التحديات، هناك حاجة واضحة لاستثمارات ضخمة في البنية التحتية لتخزين الهيدروجين ونقله، إلى جانب تطوير تشريعات محلية تنظم إنتاج الهيدروجين واستخدامه في الصناعة والنقل. كما يحتاج المشروع إلى دعم تمويلي طويل الأجل من القطاعين العام والخاص لجعل الخطط قابلة للتنفيذ بشكل فعّال ومستدام.
في المجمل، تُعد هذه الخطط التي أعلنتها مصر خلال 2025 دليلاً قويًا على التزام الدولة بالانتقال نحو طاقة نظيفة، وتطوير صناعة الهيدروجين وفق رؤية اقتصادية طويلة الأمد. إذا نجحت هذه المشروعات، فإن مصر قد تصبح لاعبًا إقليميًا مهمًا في سوق الهيدروجين الأخضر، مع إمكانيات كبيرة للتصدير والنمو الصناعي.














