حكم التشارك في الطعام والشراب في إناء واحد: دراسة فقهية
يعتبر التشارك في الطعام والشراب من العادات الاجتماعية المتوارثة بين الناس، وقد يثير هذا الأمر تساؤلات حول حكمه الشرعي، فهل يجوز للمسلم أن يشترك مع الآخرين في إناء واحد؟ وما هي الضوابط الشرعية لذلك؟ هذا ما سنتناوله في هذا المقال.
الأدلة الشرعية
لم يرد نص صريح في القرآن الكريم يحرم التشارك في الطعام والشراب من إناء واحد، ولكن هناك العديد من الأدلة التي تدل على جواز ذلك، ومنها:
-
السنة النبوية:
- روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “أفضل الأعمال الصالحة بر الوالدين”. ومن مظاهر البر اختيار اسم حسن للولد.
- روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن الله أمر بصلة الرحم، وذكر الوالدين خيراً”.
- روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على جمع من أهل الصفة فسقاهم لبنًا من قدح واحد بأمرٍ من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، بل شرب نبي الله صلى الله عليه وسلم الفضلة آخرهم.
-
الإجماع:
- أجمع جمهور العلماء على جواز التشارك في الطعام والشراب من إناء واحد، ما دام لا يوجد مانع شرعي.
آراء العلماء
أجمع جمهور العلماء على جواز التشارك في الطعام والشراب من إناء واحد، ورأوا في ذلك سنة حسنة وتقريب بين القلوب. وقد استدلوا بأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم التي تدل على ذلك.
الشروط الواجب مراعاتها
رغم جواز التشارك في الطعام والشراب، إلا أنه يجب مراعاة بعض الشروط للحفاظ على الصحة والنظافة، ومن هذه الشروط:
- أن يكون الإناء نظيفًا: يجب التأكد من نظافة الإناء قبل استخدامه، وذلك حفاظًا على الصحة.
- أن يكون الطعام والشراب طيبًا: يجب أن يكون الطعام والشراب طيبًا وصالحًا للأكل والشرب.
- عدم وجود مانع شرعي: إذا كان هناك مانع شرعي يمنع التشارك، مثل وجود مرض معدٍ، فيجب تجنب ذلك.
الحالات التي يستثنى فيها التشارك
- في حالة وجود مرض معدٍ: إذا كان أحد الأشخاص مصابًا بمرض معدٍ، فإنه يجب عليه تجنب التشارك في الطعام والشراب مع الآخرين.
- في حالة الخوف من انتقال العدوى: إذا كان هناك خوف من انتقال عدوى معينة، فإنه يستحب التوقف عن التشارك في الطعام والشراب.
فوائد التشارك في الطعام والشراب
- تقوية العلاقات الاجتماعية: التشارك في الطعام والشراب يساعد على تقوية العلاقات الاجتماعية وزيادة الألفة بين الناس.
- التعبير عن المحبة والتآخي: التشارك في الطعام والشراب هو تعبير عن المحبة والتآخي بين أفراد المجتمع.
- تربية الأبناء على الأخلاق الحميدة: تعويد الأبناء على التشارك في الطعام والشراب يربيهم على الأخلاق الحميدة والتواضع.
الخلاصة:
التشارك في الطعام والشراب من إناء واحد هو أمر جائز شرعاً، ويعتبر من السنن الحسنة التي تحث عليها الشريعة الإسلامية. ولكن يجب مراعاة الشروط الصحية والشرعية عند القيام بذلك، وذلك حفاظًا على الصحة والنظافة.














