عيناك تصرخان..الوخز والاحمرار بعد شاشات الهاتف

الصحة والجمال

استمع الي المقالة
0:00

عيناك تصرخان: الوخز والاحمرار بعد شاشات الهاتف.. إنذار مبكر لمتلازمة جفاف العين الرقمي

في عصرنا الرقمي الحالي، باتت الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية. نقضي ساعات طويلة في التحديق في شاشاتها، سواء للعمل، الدراسة، الترفيه، أو التواصل. لكن هذا الاستخدام المفرط، خاصة في ظل ظروف غير مناسبة، يُمكن أن يُشكل ضغطًا هائلًا على أعيننا، ويُؤدي إلى ظهور أعراض مزعجة مثل وخز العين واحمرارها. هذه الأعراض، التي قد تبدو بسيطة في البداية، غالبًا ما تكون علامة واضحة على حالة شائعة ومتزايدة تُعرف بـ متلازمة جفاف العين الرقمي أو متلازمة رؤية الكمبيوتر (Computer Vision Syndrome – CVS).

فهم هذه المتلازمة، أسبابها، وكيفية التعامل معها، يُعد خطوة أساسية للحفاظ على صحة أعيننا في عالم يزداد فيه الاعتماد على الشاشات.


 

متلازمة جفاف العين الرقمي: ما هي ولماذا تحدث؟

 

متلازمة جفاف العين الرقمي هي مجموعة من المشاكل المتعلقة بالعين والرؤية التي تنجم عن الاستخدام المطول للأجهزة الرقمية. إنها ليست مرضًا واحدًا، بل هي مزيج من الأعراض التي تنتج عن الإجهاد البصري وقلة ترطيب العين.

كيف تحدث؟

  1. انخفاض معدل الرمش: عندما نُحدق في شاشة الهاتف، يقل معدل رمشنا بشكل ملحوظ. المعدل الطبيعي للرمش يتراوح بين 15 إلى 20 مرة في الدقيقة، لكنه يُمكن أن ينخفض إلى 5-7 مرات في الدقيقة عند التركيز على الشاشة. الرمش يُوزع الدموع عبر سطح العين، ويُحافظ على ترطيبها وتنظيفها. قلة الرمش تُؤدي إلى تبخر سريع للدموع وجفاف سطح العين.
  2. إجهاد العين البؤري: الشاشات تُجبر العين على التركيز المستمر على مسافة قريبة، مما يُجهد عضلات العين المسؤولة عن التركيز.
  3. التعرض للضوء الأزرق: الشاشات تُصدر ضوءًا أزرق عالي الطاقة، والذي يُمكن أن يُسبب إجهادًا للعين ويُؤثر على جودة النوم، مما يُفاقم مشكلة جفاف العين.
  4. وضع الشاشة والإضاءة: وضع الهاتف بشكل غير صحيح، أو استخدام الهاتف في إضاءة خافتة جدًا أو ساطعة جدًا، يُجبر العين على العمل بجهد أكبر.
  5. جودة الهواء: البيئات الجافة، المكيفة، أو التي تحتوي على مروحة مباشرة على الوجه، تُزيد من تبخر الدموع.

 

أعراض متلازمة جفاف العين الرقمي: عيناك تُرسل لك إشارات

 

إذا كنت تُعاني من وخز في العين واحمرار بعد التحديق في هاتفك، فهذه على الأرجح مؤشرات قوية على إصابتك بهذه المتلازمة. تشمل الأعراض الشائعة الأخرى:

  • وخز أو حرقان في العين: شعور بالحرقة أو وجود جسم غريب في العين.
  • احمرار العين: بسبب تهيج الأوعية الدموية الدقيقة في سطح العين.
  • جفاف العين: شعور بالجفاف، أو كأن العين بها رمال.
  • تشوش الرؤية: قد تُصبح الرؤية غير واضحة بشكل مؤقت، خاصة بعد فترات طويلة من الاستخدام.
  • حساسية للضوء (رهاب الضوء): صعوبة في تحمل الأضواء الساطعة.
  • إجهاد العين (Eye Strain): شعور بالتعب أو الضغط حول العينين.
  • صداع: غالبًا ما يكون حول العينين أو في الجبهة.
  • ألم في الرقبة أو الكتفين: نتيجة للوضعيات السيئة التي نتخذها أثناء استخدام الهاتف.
  • صعوبة في التركيز: قد تُصبح مهام القراءة أو التركيز صعبة.

 

المضاعفات المحتملة إذا أُهملت المشكلة:

 

إذا تُركت متلازمة جفاف العين الرقمي دون اهتمام، يُمكن أن تتفاقم المشكلة وتُؤدي إلى:

  • تلف سطح العين: الجفاف المزمن يُمكن أن يُسبب خدوشًا صغيرة أو تقرحات على القرنية (السطح الشفاف الأمامي للعين)، مما يُعرض العين للالتهابات.
  • التهابات العين المتكررة: العين الجافة تكون أكثر عرضة للإصابة بالعدوى البكتيرية.
  • تدهور جودة الرؤية: الجفاف الشديد يُمكن أن يُؤثر على وضوح الرؤية بشكل دائم إذا لم يتم علاجه.
  • الألم المزمن: استمرار الأعراض قد يُصبح مؤلمًا ومُعطلًا للحياة اليومية.
  • التأثير على جودة الحياة: الشعور المستمر بعدم الراحة يُمكن أن يُؤثر على الأداء الدراسي والوظيفي والعلاقات الاجتماعية.

 

خطوات للوقاية والعلاج: حماية عينيك في العصر الرقمي

 

الخبر الجيد هو أن متلازمة جفاف العين الرقمي عادة ما تكون قابلة للعلاج والوقاية من خلال تعديلات بسيطة في السلوك والعادات اليومية:

 

1. تطبيق قاعدة “20-20-20”:

 

  • هذه القاعدة الذهبية تُعد الأهم في الوقاية من إجهاد العين الرقمي.
  • الفكرة: كل 20 دقيقة من التحديق في الشاشة، انظر بعيدًا عن الشاشة لمسافة 20 قدمًا (حوالي 6 أمتار) لمدة 20 ثانية.
  • الهدف: تُساعد هذه الاستراحة العين على إعادة التركيز وتُشجع على الرمش. يُمكنك استخدام منبه أو تطبيق لتذكيرك.

 

2. تحسين بيئة الشاشة: إضاءة ووضع مناسب

 

  • الإضاءة المناسبة: تأكد أن الإضاءة في غرفتك مُتوازنة وليست ساطعة جدًا أو خافتة جدًا. تجنب وهج الشاشة المباشر من النوافذ أو الإضاءة العلوية.
  • تعديل إعدادات الشاشة:
    • السطوع: اجعل سطوع الشاشة مُطابقًا لسطوع الإضاءة المحيطة.
    • تباين النص: اختر تباينًا عاليًا بين النص والخلفية (مثل نص داكن على خلفية فاتحة).
    • حجم الخط: زد حجم الخط لتجنب إجهاد العين.
    • وضع الشاشة: اجعل شاشة الهاتف على بعد حوالي 40-50 سم من عينيك، ومُوجهة قليلاً إلى الأسفل.
  • استخدام وضع “الليل” أو “القراءة”: العديد من الهواتف توفر أوضاعًا تُقلل من انبعاثات الضوء الأزرق في المساء، مما يُساعد على حماية العين ويُحسن جودة النوم.

 

3. زيادة الرمش الواعي: ترطيب طبيعي

 

  • تذكر أن ترمش: حاول أن تُركز على الرمش بشكل كامل وبانتظام أثناء استخدام الهاتف. يُمكنك حتى أخذ استراحات قصيرة لإغلاق عينيك لبضع ثوانٍ.
  • الدموع الاصطناعية (قطرات العين المرطبة): إذا كنت تُعاني من جفاف العين بشكل متكرر، استخدم قطرات الدموع الاصطناعية الخالية من المواد الحافظة عدة مرات في اليوم، خاصة قبل وأثناء استخدام الشاشات.

 

4. تقليل وقت الشاشة الإجمالي: توازن في حياتك

 

  • وضع حدود زمنية: ضع حدودًا واضحة لوقت استخدام الهاتف، خاصة للأطفال والمراهقين. شجع على الأنشطة البدنية والاجتماعية كبدائل.
  • استراحات متكررة: خذ فترات راحة أطول بعيدًا عن الشاشات كل ساعة أو ساعتين، وقم بأنشطة تُقلل من إجهاد العين مثل المشي أو النظر إلى الأفق البعيد.
  • تجنب استخدام الهاتف في الظلام الدامس: هذا يُسبب إجهادًا كبيرًا للعين.

 

5. الحفاظ على ترطيب الجسم والصحة العامة:

 

  • شرب الماء الكافي: الترطيب الجيد للجسم ينعكس على ترطيب العينين.
  • النظام الغذائي الصحي: الأطعمة الغنية بأحماض أوميغا 3 الدهنية (مثل الأسماك الدهنية)، وفيتامينات A و C و E، والزنك، كلها تُدعم صحة العين.
  • النوم الكافي: الحصول على قسط كافٍ من النوم يُساعد العين على الراحة والتعافي.

 

متى يجب استشارة الطبيب؟

 

إذا استمرت الأعراض، أو تفاقمت، أو أثرت بشكل كبير على رؤيتك أو جودة حياتك، يجب عليك زيارة طبيب العيون. قد تكون هناك حالات أخرى تتطلب تشخيصًا وعلاجًا متخصصًا.

الخلاصة: الهواتف الذكية هي جزء من حياتنا، لكن التحديق فيها لفترات طويلة وبطرق غير صحيحة يُمكن أن يُسبب إجهادًا كبيرًا لأعيننا، ويُؤدي إلى متلازمة جفاف العين الرقمي بأعراضها المزعجة مثل الوخز والاحمرار. باتباع عادات بسيطة وذكية مثل قاعدة 20-20-20، تحسين بيئة الشاشة، وزيادة الرمش الواعي، يُمكننا حماية أعيننا من هذه المتلازمة وضمان استمرار رؤيتنا بوضوح وراحة في عالمنا الرقمي المتسارع. عيناك تستحقان الرعاية؛ امنحهما الاستراحة التي تحتاجانها.