تحذير للأمهات .. أخطاء تدمر مناعة طفلك دون أن تدري
يمثل جهاز المناعة لدى الأطفال خط الدفاع الأول عن صحتهم في مواجهة الأمراض والفيروسات المتنقلة. ومن هذا المنطلق يصبح الحفاظ على قوته أولوية قصوى لكل أم تسعى لضمان النمو الصحي والسليم لطفلها.
إلا أن العديد من الأمهات ودون قصد يقعن في فخ إرتكاب ممارسات يومية شائعة لكنها في الواقع تُقوض مناعة أطفالهن بشكل تدريجي ومستمر مما يجعلهم عرضة للإصابة المتكررة والمضاعفات غير المرغوبة.
في هذا السياق ألقت الدكتورة رنا محمود عباس أخصائية طب الأطفال الضوء على مجموعة من هذه أخطاء تدمر مناعة طفلك مؤكدة على ضرورة الوعي بها لتصحيح المسار وحماية فلذات الأكباد من مخاطر التهاون الصحي.
الإفراط في المضادات الحيوية : تدمير المصنع الرئيسي للمناعة
قالت الدكتورة رنا محمود عباس إن الإفراط في إستخدام المضادات الحيوية يمثل أحد أخطر التحديات التي تواجه مناعة الطفل في الوقت الراهن مشيرة إلى أن هذا الإستخدام المفرط وغير الضروري يخلق سلالات بكتيرية مقاومة.
فضلاً عن ذلك فإنه يقضي على البكتيريا النافعة الموجودة في الجهاز الهضمي والتي تلعب دورًا حيويًا وأساسيًا في بناء وتقوية المناعة.
وأكدت أن الجهاز الهضمي يُعتبر بمثابة المصنع الرئيسي لخلايا المناعة وبالتالي فإن أي خلل يصيبه نتيجة تدمير البكتيريا النافعة ينعكس سلبًا وفورًا على قدرة الجسم على التصدي للعدوى والأمراض.
ودعت الأمهات إلى عدم اللجوء إلى المضادات الحيوية إلا بوصفة طبية دقيقة وفي حالات الضرورة القصوى التي يحددها الطبيب المختص فقط.
قلة النوم أو عدم إنتظام : عامل خفي ومُضعف للمناعة
وأوضحت أخصائية طب الأطفال أن قلة النوم أو عدم إنتظامه يمثل عاملاً خفيًا لكنه مؤثر بشكل كبير في إضعاف الجهاز المناعي للطفل
لافتة إلى أن مراحل النوم العميق هي الفترة التي يقوم فيها الجسم بإصلاح الخلايا التالفة وإنتاج البروتينات المقاومة للعدوى والسيتوكينات وهي جزيئات حيوية تلعب دورًا محوريًا في تنظيم الإستجابة المناعية للطفل.
وأضافت أن الحرمان من ساعات النوم الكافية والمناسبة لعمر الطفل يرفع من مستويات هرمون الكورتيزول المعروف بهرمون التوتر والذي يؤدي بدوره إلى تثبيط فعالية الجهاز المناعي مما يجعل الطفل أكثر عرضة للإصابة بنزلات البرد والإنفلونزا المتكررة والمزمنة.
الأطعمة الجاهزة والسريعة : إنتحار بطيء للمناعة
وأشارت الدكتورة رنا عباس إلى أن الإعتماد المفرط على الأطعمة الجاهزة والسريعة والمشروبات الغنية بالسكريات والمواد الحافظة والملونات الصناعية هو بمثابة إنتحار بطيء للمناعة حيث إن هذه الأطعمة تفتقر إلى الفيتامينات والمعادن ومضادات الأكسدة الضرورية لدعم الخلايا المناعية والوظيفية.
وقالت إن النظام الغذائي الذي يفتقر إلى الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والبروتينات الصحية لا يوفر الوقود اللازم لـ “جيش المناعة” مؤكدة أن سوء التغذية حتى في حال عدم الوصول إلى مرحلة الهزال يترك الطفل في حالة دفاع ضعيفة وغير قادرة على مقاومة أي غزو جرثومي أو فيروسي متوقع.
إهمال الجانب البدني والحركي : خفض كفاءة الجهاز المناعي
وأكدت الخبيرة الصحية أن إهمال الجانب البدني والحركي للأطفال يُعد خطأً جسيمًا آخر يساهم في خفض كفاءة جهازهم المناعي موضحة أن ممارسة الأنشطة الرياضية بإنتظام تعمل على تحسين الدورة الدموية بشكل ملحوظ مما يُسرّع من حركة وتوزيع خلايا المناعة القادرة على البحث عن مسببات الأمراض والتعامل معها بفعالية فائقة.
وشددت على أن قضاء الأطفال لساعات طويلة أمام شاشات الأجهزة الإلكترونية دون حركة كافية يؤدي إلى بطء في وظائف الجسم الحيوية وتراكم للدهون غير الصحية وتدهور في الحالة النفسية وكلها عوامل تتضافر لتؤدي إلى إضعاف ملحوظ في إستجابة المناعة لديهم.
النظافة المفرطة : عزل الجهاز المناعي عن التدريب
وذكرت الدكتورة رنا أن النظافة المفرطة أو ما يُعرف بـ “التعقيم المُبالغ فيه” يُعتبر من الأخطاء الحديثة التي بدأت تظهر في السنوات الأخيرة مشيرة إلى أن تعرض الطفل لبيئة نظيفة بشكل مُعتدل يسمح لجهازه المناعي بالتعرف على الميكروبات المختلفة والتدرب على مكافحتها وهي العملية التي تُسمى بـ “فرضية النظافة”.
وأضافت أن البيئات المعقمة بشكل مُبالغ فيه لا تمنح الجهاز المناعي الفرصة الكافية لتطوير آليات دفاعية قوية مما يجعله أكثر عرضة للإستجابات التحسسية المفرطة وظهور أمراض المناعة الذاتية في مراحل لاحقة من حياته الأمر الذي يتطلب توازنًا دقيقًا في مستويات النظافة اليومية.
التوتر والقلق : مُعطّل لعمل الخلايا الليمفاوية
وإستطردت أخصائية طب الأطفال في حديثها مُحذرة من الآثار السلبية للتوتر النفسي والقلق المستمر على مناعة الأطفال
مؤكدة أن المشاكل الأسرية والضغوط الأكاديمية أو الإجتماعية تؤدي إلى إفراز هرمونات التوتر بشكل مزمن وهو ما يعطل عمل الخلايا الليمفاوية المسؤولة عن قتل البكتيريا والفيروسات.
وشددت على ضرورة خلق بيئة منزلية هادئة ومستقرة وتخصيص وقت للعب والتعبير عن المشاعر حيث إن الصحة النفسية السليمة هي حجر الزاوية الذي يقوم عليه بناء جهاز مناعي قوي وفعال
وأن التجاهل لهذا الجانب هو إضعاف مباشر لخطوط الدفاع الداخلية للطفل.
تجاهل أهمية فيتامين “د” : مُنظّم حيوي للمناعة
وقالت الدكتورة عباس إن تجاهل أهمية فيتامين “د” وعدم التأكد من مستوياته لدى الطفل يُعد من الممارسات الشائعة التي يجب الإنتباه إليها موضحة أن هذا الفيتامين لا يقتصر دوره على صحة العظام فحسب بل إنه يلعب دورًا تعديليًا كبيرًا في وظائف الجهاز المناعي ويعزز من قدرة الجسم على محاربة التهابات الجهاز التنفسي.
وأشارت إلى أن التعرض لأشعة الشمس المباشرة لفترات قصيرة أو اللجوء إلى المكملات الغذائية المناسبة بناءً على إستشارة طبية هما طريقان أساسيان لضمان مستويات كافية من هذا الفيتامين الحاسم لتقوية المناعة.
التطعيمات : الوسيلة الأكثر أمانًا وفعالية لتدريب الجهاز المناعي
بعد معرفة أخطاء تدمر مناعة طفلك إختتمت الدكتورة رنا محمود عباس تحذيرها بضرورة الإلتزام بالجدول الوطني للتطعيمات بشكل دقيق ومُنتظم مؤكدة أن اللقاحات هي الوسيلة الأكثر فعالية والأكثر أمانًا لتدريب جهاز المناعة على التعرف على مُسببات الأمراض الخطيرة وتكوين ذاكرة مناعية ضدها
مما يحمي الطفل من الإصابات الشديدة والمضاعفات القاتلة. ودعت الأمهات إلى عدم الإنسياق وراء الشائعات والمعلومات غير العلمية التي تحاول التشكيك في سلامة وضرورة التطعيمات لأن التأخير أو الإمتناع عنها يُعرض حياة الطفل لخطر حقيقي وغير مُبرر.














