مساعدة الآخرين تعطينا الراحة النفسية والرضا الذاتي

الصحة والجمال

استمع الي المقالة
0:00

العطاء سر الشباب الدائم .. مساعدة الآخرين تعطينا الراحة النفسية والرضا الذاتي

لطالما إرتبطت مساعدة الآخرين بالراحة النفسية والرضا الذاتي إلا أن العلم الحديث كشف عن أبعاد أعمق تتجاوز الجانب الوجداني لتصل إلى الخلايا العصبية ووظائف الدماغ الأساسية.

فقد أثبتت دراسة علمية رائدة نشرها موقع “ScienceDaily” أن تخصيص وقت بسيط أسبوعياً لدعم الآخرين يسهم بشكل فعال وملموس في إبطاء عملية شيخوخة الدماغ والحفاظ على القدرات الإدراكية لدى كبار السن.

وبناء على ذلك فإن العطاء لا يمنح السعادة للمتلقي فحسب بل يمثل درعاً واقياً لعقل المعطي من التدهور المعرفي الذي يرافق التقدم في العمر.

منهجية بحثية دقيقة على مدار عقدين

لقد إستندت هذه النتائج المبهرة إلى دراسة مطولة أجراها باحثون من جامعة تكساس في أوستن بالتعاون مع جامعة ماساتشوستس في بوسطن.

حيث تتبع الفريق البحثي الحالة الصحية لأكثر من 30 ألف بالغ أمريكي على مدار نحو 20 عاماً.

وعلاوة على ذلك فقد إعتمد الباحثون على بيانات “دراسة الصحة والتقاعد” الوطنية التي ترصد الأشخاص فوق سن 51 عاماً منذ عام 1998.

ومن خلال هذا المدى الزمني الطويل إستنتج الخبراء أن الأشخاص الذين إعتادوا تقديم العون للآخرين خارج نطاق أسرهم شهدوا تراجعاً أبطأ بكثير في الوظائف المعرفية مقارنة بأقرانهم الذين لم يمارسوا أنشطة مماثلة.

ساعات قليلة ونتائج إدراكية مذهلة

أوضحت نتائج الدراسة المنشورة في دورية “Social Science & Medicine” أن الفوائد الصحية لا تتطلب مجهوداً شاقاً أو التزاماً زمنياً كبيراً.

فبمجرد قضاء ساعتين إلى أربع ساعات أسبوعياً في مساعدة الآخرين ينخفض معدل التدهور المعرفي بنسبة تتراوح بين 15% و20%.

وإضافة إلى ذلك أشار “ساي هوانغ هان” المعد الرئيسي للدراسة إلى أن هذا الأثر المعرفي ليس تحسناً نفسياً عابراً بل هو فائدة تراكمية تزداد قوة مع الإستمرار في السلوك التطوعي بإنتظام عبر السنوات.

المساعدة غير الرسمية.. قوة يغفل عنها الكثيرون

من أبرز ما ميز هذه الدراسة هو كسرها للإعتقاد الشائع بأن الفائدة تقتصر على التطوع الرسمي داخل المؤسسات والجمعيات.

فقد قارن الباحثون بين التطوع المنظم وبين المساعدة غير الرسمية مثل رعاية أطفال الجيران أو توصيل صديق إلى موعد طبي أو تقديم العون في المهام اليومية البسيطة.

والنتيجة كانت مذهلة حيث أظهر النوعان فوائد متقاربة جداً لصحة الدماغ. وبناء عليه فإن أي فعل نبيل بسيط تجاه الأصدقاء أو الأقارب أو الجيران يمتلك تأثيراً معرفياً مماثلاً للعمل في المنظمات الكبرى.

العطاء كإستراتيجية وطنية لمواجهة الشيخوخة

مساعدة الآخرين تعطينا الراحة وفي ظل تزايد أعداد كبار السن وإرتفاع مخاطر الإصابة بأمراض مثل الخرف وألزهايمر يرى الباحثون ضرورة دمج الترابط الإجتماعي ضمن إستراتيجيات الصحة العامة.

وتأسيساً على أبحاث سابقة لنفس الفريق فإن التطوع يساعد في تقليل آثار التوتر المزمن والالتهابات في الجسم وهي عوامل بيولوجية ترتبط مباشرة بتدهور الدماغ.

وختاماً أكد الخبراء أن كبار السن مهما كانت حالتهم الصحية يظلون قادرين على تقديم إسهامات قيمة لمن حولهم وهم بذلك يجوزون الفوائد الأكبر لحماية عقولهم وضمان حياة ذهنية مستقرة في سنواتهم المتأخرة.