في خطوة تُعد تحولًا نوعيًا في منظومة الرعاية الصحية، أعلنت وزارة الصحة والسكان المصرية في أكتوبر 2025 عن إطلاق أول منصة وطنية للطب عن بُعد تحت اسم “صحتي الرقمية”، بهدف تسهيل وصول المواطنين إلى الخدمات الطبية، وتقليل الضغط على المستشفيات، وتحسين جودة التشخيص والعلاج، خاصة في المناطق النائية.
المنصة الجديدة تأتي ضمن خطة الوزارة للتحول الرقمي في القطاع الصحي، وتُتيح للمستخدمين التواصل مع الأطباء عبر الفيديو، الحصول على استشارات طبية فورية، متابعة الحالات المزمنة، وإجراء فحوصات أولية عن بُعد باستخدام أجهزة ذكية متصلة بالمنصة. كما تُمكن الأطباء من الوصول إلى السجلات الطبية الإلكترونية للمرضى، مما يُحسن من دقة التشخيص وسرعة اتخاذ القرار.
الدكتور خالد عبد الغفار، وزير الصحة والسكان، أكد أن المنصة تم تطويرها بالتعاون مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وهي تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل الأعراض، وتوجيه المرضى إلى التخصص المناسب، بالإضافة إلى نظام حماية بيانات متقدم لضمان الخصوصية والأمان.
المنصة بدأت التشغيل التجريبي في محافظات القاهرة، الجيزة، وأسيوط، ومن المقرر أن يتم تعميمها على باقي المحافظات خلال الستة أشهر القادمة. وتشمل المرحلة الأولى أكثر من 300 طبيب في تخصصات الباطنة، الأطفال، الجلدية، والصحة النفسية، مع خطط لإضافة تخصصات جراحية لاحقًا.
الخبراء في الصحة الرقمية يرون أن “صحتي الرقمية” تُعد نقلة في مفهوم الرعاية الصحية، وتُسهم في تقليل التكاليف، وتوفير الوقت، وتحسين تجربة المريض، خاصة في ظل التحديات التي تواجه النظام الصحي التقليدي، مثل نقص الكوادر، وتكدس المستشفيات، وصعوبة الوصول إلى الخدمات في المناطق الريفية.
كما أشار تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية إلى أن الطب عن بُعد يُمكن أن يُقلل من معدلات الوفاة الناتجة عن الأمراض المزمنة بنسبة تصل إلى 20%، إذا تم تطبيقه بشكل فعال، مع تدريب الكوادر الطبية، وتوفير البنية التحتية الرقمية المناسبة.
المنصة المصرية تُتيح أيضًا خدمات دعم نفسي عن بُعد، بالتعاون مع المجلس القومي للصحة النفسية، حيث يُمكن للمستخدمين حجز جلسات مع أخصائيين نفسيين، والحصول على استشارات سرية، مما يُسهم في كسر وصمة المرض النفسي، وتوسيع نطاق الدعم النفسي المجتمعي.
من جانبها، أعلنت هيئة التأمين الصحي الشامل أن المنصة ستكون جزءًا من منظومة التأمين، وسيتم تغطية الاستشارات الطبية عن بُعد ضمن الباقات العلاجية، مما يُعزز من العدالة الصحية، ويُتيح للمواطنين الاستفادة من الخدمات دون أعباء مالية إضافية.
في النهاية، إطلاق منصة “صحتي الرقمية” يُعد خطوة استراتيجية نحو بناء نظام صحي أكثر مرونة، واستجابة، وعدالة، ويُعزز من قدرة مصر على مواكبة التحولات العالمية في الرعاية الصحية، ويضعها في مقدمة الدول العربية في مجال الطب الرقمي.














