الألماس والذكاء البشري من زينة ثمينة إلى مستشعر لقراءة الأفكار

تكنولوجيا

استمع الي المقالة
0:00

الألماس والذكاء البشري من زينة ثمينة إلى مستشعر لقراءة الأفكار

لطالما إرتبط الألماس في الأذهان بشعارات الفخامة والخلود إلا أن العلم الحديث قرر منح هذه الجوهرة دورًا يتجاوز حدود الجمال والصلابة فبينما كانت شركة دي بيرز تروج لكون الألماس للأبد أصبح هذا الحجر اليوم يشكل قلب الثورة الكمية الثانية التي تعد بتغيير وجه البشرية بشكل جذري

إن التحول من إستخدامه كأداة للزينة إلى إعتباره أداة علمية دقيقة قادرة على قراءة موجات الدماغ يمثل قفزة نوعية في عالم الفيزياء الحديثة حيث لم يعد الأمر مجرد خيال علمي بل حقيقة مخبرية بدأت ملامحها تتشكل بوضوح داخل المختبرات العالمية

عيوب الألماس.. سر القوة في الثورة الكمية الثانية

الألماس والذكاء البشري فمن المثير للإهتمام أن هذه الطفرة العلمية لم تأتِ من كمال الألماس بل من عيوبه حيث إكتشف علماء الفيزياء أن إدخال شوائب دقيقة في البنية الكريستالية للألماس يحوله إلى كاشف فائق الحساسية

وتأتي هذه الخطوة في سياق ما يعرف بالثورة الكمية الثانية وهي المرحلة التي تلت وضع فيرنر هايزنبرغ لأسس ميكانيكا الكم قبل نحو قرن ومن هذا المنطلق نجد أن الثورة الأولى ركزت على الإلكترونيات والليزر بينما تهدف الثورة الحالية إلى التحكم المطلق في الظواهر الكمية لفتح آفاق جديدة في مجالات الإستشعار والحوسبة فائقة السرعة

المعجزة الروسية وتحويل المختبرات إلى مناجم تكنولوجية

بدأت هذه الرحلة العلمية قبل عقدين من الزمان حين تم العثور على حجر وردي في سيبيريا عُرف بلقب المعجزة الروسية لقدرته الفريدة على الحفاظ على حالته الكمية في درجة حرارة الغرفة وبسبب ندرة هذه الأحجار الطبيعية نجح العلماء في تصنيع ألماس كمي داخل المختبرات عبر تقنية مراكز الفراغ النيتروجينية

وتعتمد هذه التقنية على إستبدال ذرتين من الكربون بذرة نيتروجين وفراغ مما يخلق حالة تعمل كبوصلة ذرية تستشعر أدق التغيرات المغناطيسية المحيطة بها سواء كانت ناتجة عن نبضات دماغية أو حتى حركة مركبات بعيدة خلف الجدران

تطبيقات طبية وعسكرية تتجاوز حدود الخيال

علاوة على ما سبق فإن تطبيقات هذا الألماس المعيب تمتد لتشمل مجالات حيوية وحساسة للغاية ففي مجال الملاحة الجوية يمكن لهذه المستشعرات رسم خرائط مغناطيسية للأرض مما يغني الطائرات عن الإعتماد على أنظمة جي بي اس التي قد تتعرض للتشويش

أما في المجال الطبي فقد أثبتت الدراسات المنشورة في مجلات علمية مرموقة مثل نيتشر كوميونيكيشنز أن هذه التقنية قادرة على كشف الفيروسات مثل كورونا والإيدز بدقة تفوق الإختبارات التقليدية بألف مرة بالإضافة إلى إمكانية إستبدال أجهزة تخطيط القلب التقليدية بمستشعرات أصغر وأكثر دقة

واجهات الدماغ والآلة.. نحو مستقبل يقرأ الأفكار

بناء على هذه المعطيات تبرز قدرة الألماس على العمل كواجهة تربط بين الدماغ البشري والآلة حيث تتيح هذه التكنولوجيا التحكم في الأجهزة عبر التفكير فقط ومن المتوقع أن تصل قيمة هذا السوق إلى مليارات الدولارات في السنوات القليلة القادمة

وبالرغم من وجود بعض التحديات التقنية المتعلقة بدمج الألماس مع إلكترونيات السيليكون التقليدية إلا أن ميزته الكبرى تكمن في قدرته على العمل بكفاءة عالية في ظروف الضغط الجوي المعتاد ودرجات الحرارة العادية مما يجعله مرشحًا مثاليًا ليكون حجر الزاوية في الأجهزة الذكية القادمة

التحديات الإقتصادية

الخلاصة يبدو أن سباق التسلح التكنولوجي بين الشركات العالمية مثل إليمنت سيكس وكوانتوم بريليانس سيسرع من وصول هذه الإبتكارات إلى حياتنا اليومية

وبينما تواجه سوق الألماس الطبيعي أزمات إقتصادية متلاحقة يبرز الألماس الصناعي التكنولوجي كطوق نجاة للصناعة وللعلم على حد سواء وفي غضون العقد المقبل سنعرف يقينًا إن كان الألماس سيظل زينة في معاصم النساء أم سيصبح المحرك الأساسي لأذكى الأجهزة التي عرفتها البشرية