هل سوء الصحة النفسية يسبب سكر الدم؟ العلاقة بين التوتر ومرض السكري
الرابط بين الصحة النفسية ومرض السكري ليس علاقة سببية مباشرة، بمعنى أن المشاكل النفسية مثل التوتر أو الاكتئاب لا تسبب مرض السكري من النوع الأول. ومع ذلك، هناك أدلة قوية على أن الصحة النفسية تؤثر بشكل كبير على مستويات سكر الدم وتزيد من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني. العلاقة بينهما معقدة وتتضمن عوامل هرمونية وسلوكية، مما يجعل إدارة الصحة النفسية جزءاً لا يتجزأ من الوقاية من السكري والتحكم به.
عندما يتعرض الإنسان لضغوط نفسية أو عصبية، يفرز الجسم هرمونات التوتر مثل الكورتيزول والأدرينالين. هذه الهرمونات مصممة لزيادة مستويات الطاقة لمساعدة الجسم على التعامل مع التوتر. تفعل ذلك عن طريق تحفيز الكبد على إطلاق المزيد من الجلوكوز (السكر) في مجرى الدم. في حالة التوتر قصير المدى، يعود سكر الدم إلى مستواه الطبيعي بسرعة. ولكن، إذا كان التوتر مزمناً، فإن مستويات الكورتيزول تبقى مرتفعة باستمرار، مما يؤدي إلى ارتفاع مزمن في سكر الدم.
بالإضافة إلى العوامل الهرمونية، تؤثر الصحة النفسية بشكل كبير على السلوكيات اليومية. الأشخاص الذين يعانون من التوتر أو الاكتئاب قد يميلون إلى اتباع عادات غير صحية، مثل:
تناول الأطعمة غير الصحية: يلجأ الكثيرون إلى “الأكل العاطفي” (emotional eating)، حيث يتناولون كميات كبيرة من الأطعمة الغنية بالسكر والدهون لتخفيف التوتر، مما يؤدي إلى زيادة الوزن.
الخمول وقلة النشاط البدني: التوتر والاكتئاب يمكن أن يقللا من الدافع لممارسة الرياضة، وهو أمر ضروري للتحكم في سكر الدم.
اضطرابات النوم: التوتر يسبب صعوبة في النوم، وقلة النوم تؤثر على حساسية الجسم للأنسولين، مما يزيد من مستويات سكر الدم.
التدخين واستهلاك الكحول: هذه العادات السيئة تزيد من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني بشكل مباشر.
لذلك، يمكن القول إن التوتر لا يسبب السكري بشكل مباشر، ولكنه يخلق بيئة فسيولوجية وسلوكية مثالية لتطوره. إدارة الصحة النفسية والتحكم في التوتر من خلال تقنيات الاسترخاء، وممارسة الرياضة، وطلب الدعم النفسي، يمكن أن تلعب دوراً حاسماً في الوقاية من مرض السكري والتحكم في مستويات سكر الدم.












