هل المشي يبني العضلات؟ نظرة علمية شاملة
المشي نشاط بدني أساسي ومتاح للجميع، ويحمل فوائد صحية جمة تشمل تحسين صحة القلب والأوعية الدموية، والمساعدة في إدارة الوزن، وتقليل التوتر. لكن السؤال الذي يطرحه الكثيرون هو: هل المشي يبني العضلات؟ الإجابة المختصرة هي نعم، ولكن بشكل محدود وفي ظروف معينة.
المشي في حد ذاته ليس تمرينًا مكثفًا بما يكفي لتحفيز نمو العضلات بشكل كبير لدى معظم البالغين، خاصة أولئك الذين يتمتعون بالفعل بلياقة بدنية جيدة. نمو العضلات، أو تضخم العضلات (Hypertrophy)، يحدث بشكل أساسي عندما تتعرض العضلات لإجهاد كبير يتجاوز ما اعتادت عليه، مما يؤدي إلى تمزقات دقيقة في الألياف العضلية يقوم الجسم بإصلاحها وتقويتها وزيادة حجمها.
المشي المنتظم، خاصة بوتيرة معتدلة وعلى أرض مستوية، يعتبر تمرينًا منخفض التأثير يركز بشكل أساسي على تحسين القدرة على التحمل الهوائي وحرق السعرات الحرارية. العضلات الرئيسية التي تعمل أثناء المشي هي عضلات الساقين (الفخذين، وأوتار الركبة، والساقين)، بالإضافة إلى عضلات القلب. ومع ذلك، فإن مستوى الإجهاد الذي تتعرض له هذه العضلات أثناء المشي الروتيني غالبًا ما يكون غير كافٍ لتحفيز نمو كبير في حجمها وقوتها لدى الأشخاص الذين لا يعانون من ضعف كبير في العضلات.
متى يمكن للمشي أن يساهم في بناء العضلات؟
هناك بعض الحالات والظروف التي يمكن فيها للمشي أن يلعب دورًا في بناء العضلات أو الحفاظ عليها:
المبتدئون وكبار السن: بالنسبة للأشخاص الذين بدأوا للتو في ممارسة الرياضة أو كبار السن الذين يعانون من ضعف في العضلات، يمكن أن يكون المشي المنتظم بمثابة نقطة انطلاق جيدة لبناء بعض الكتلة العضلية في الساقين وتحسين قوتها. حتى الإجهاد المنخفض نسبيًا الناتج عن المشي يمكن أن يكون كافيًا لتحفيز نمو العضلات في هذه الفئات.
المشي في مناطق مرتفعة أو صعود التلال: المشي على منحدرات أو صعود التلال يزيد بشكل كبير من مقاومة الجاذبية على عضلات الساقين، مما يتطلب منها العمل بجهد أكبر. هذا الجهد الإضافي يمكن أن يحفز نمو العضلات بشكل أكبر مقارنة بالمشي على أرض مستوية.
المشي السريع أو المشي مع حمل الأوزان: زيادة وتيرة المشي إلى المشي السريع أو إضافة أوزان خفيفة (مثل ارتداء سترة وزن أو حمل دمبلز خفيفة) يمكن أن يزيد من الحمل على العضلات ويحفز نموها بشكل أكبر. ومع ذلك، يجب القيام بذلك تدريجيًا لتجنب الإصابات.
جزء من برنامج تعافي: يمكن أن يكون المشي الخفيف جزءًا مهمًا من برنامج التعافي بعد تمارين القوة المكثفة. فهو يساعد على زيادة تدفق الدم إلى العضلات، مما يعزز عملية الشفاء ويقلل من آلام العضلات.
الحفاظ على الكتلة العضلية: يمكن للمشي المنتظم أن يساعد في الحفاظ على الكتلة العضلية الموجودة ومنع فقدانها، خاصة مع التقدم في العمر أو أثناء فترات الخمول الطويل.
لتحقيق أقصى قدر من نمو العضلات:
إذا كان هدفك الأساسي هو بناء عضلات كبيرة وزيادة قوتها بشكل ملحوظ، فإن تمارين القوة التي تتضمن رفع الأوزان أو استخدام وزن الجسم مع التركيز على التحميل التدريجي (زيادة الوزن أو المقاومة تدريجيًا) تعتبر أكثر فعالية. يمكن دمج المشي كنشاط تكميلي لتعزيز الصحة العامة واللياقة البدنية.
الخلاصة:
المشي نشاط بدني ممتاز له فوائد صحية عديدة، ويمكن أن يساهم بشكل محدود في بناء العضلات لدى المبتدئين وكبار السن أو عند ممارسته بكثافة أعلى (مثل صعود التلال أو المشي السريع مع أوزان). ومع ذلك، لتحقيق نمو عضلي كبير وزيادة ملحوظة في القوة، فإن تمارين القوة المستهدفة هي الخيار الأمثل. يمكن دمج المشي كجزء من روتين لياقة بدنية شامل للحصول على أفضل النتائج الصحية والعضلية.