تناول الطعام مبكرًا يقي من زيادة الوزن على المدى الطويل..توقيت الوجبات

الصحة والجمال

استمع الي المقالة
0:00

توقيت الوجبات يُحدث فرقًا: تناول الطعام مبكرًا يقي من زيادة الوزن على المدى الطويل

 

في عالم مليء بالنصائح الغذائية المتضاربة، تُقدم الأبحاث العلمية ضوءًا جديدًا على أهمية توقيت الوجبات، وليس فقط نوعيتها وكميتها. فقد أكدت دراسة حديثة أن تناول الطعام في وقت مبكر من اليوم يمنع زيادة الوزن على المدى الطويل، وهو ما يُعزز من مبادئ علم الأحياء الزمني (Chronobiology)، الذي يدرس كيفية تأثير دورات الجسم اليومية على الصحة. تُشير هذه النتائج إلى أن الالتزام بجدول زمني مُحدد لتناول الطعام يُمكن أن يكون أداة فعالة للحفاظ على وزن صحي، بل ويُقدم فوائد صحية أخرى تتجاوز مجرد فقدان الوزن.


 

علم الأحياء الزمني والهضم: إيقاع الجسم الداخلي

 

يُعرف الجسم بأنه يمتلك ساعة بيولوجية داخلية تُعرف بالإيقاع اليومي (Circadian Rhythm)، والتي تُنظم العديد من الوظائف الحيوية، بما في ذلك الهضم والتمثيل الغذائي. تُشير الدراسات إلى أن هذه الساعة تُجعل الجسم أكثر كفاءة في هضم الطعام ومعالجته خلال ساعات النهار مقارنة بساعات الليل.

  • الأيض في الصباح: في الصباح الباكر، يكون الجسم في أفضل حالاته لامتصاص العناصر الغذائية وحرق السعرات الحرارية. يكون الأنسولين أكثر حساسية، مما يُساعد على تنظيم مستويات السكر في الدم بشكل فعال.
  • الأيض في المساء: مع اقتراب الليل، تُصبح كفاءة الأيض أقل. يميل الجسم إلى تخزين السعرات الحرارية التي تُستهلك في وقت متأخر من اليوم على شكل دهون، وتُصبح حساسية الأنسولين أقل، مما يُؤدي إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم لفترة أطول.

 

تفاصيل الدراسة: لماذا يُؤثر التوقيت؟

 

لم تُركز الدراسة فقط على الربط بين تناول الطعام مبكرًا ومنع زيادة الوزن، بل سعت إلى فهم الآليات البيولوجية الكامنة وراء هذه العلاقة.

  1. تحسين حساسية الأنسولين: أظهرت الدراسة أن الأشخاص الذين يتناولون وجباتهم الرئيسية في وقت مبكر من اليوم يتمتعون بحساسية أفضل للأنسولين. هذا يُساعد على تنظيم سكر الدم، ويُقلل من خطر الإصابة بمقاومة الأنسولين ومرض السكري من النوع الثاني.
  2. تنظيم هرمونات الشهية: تُؤثر أوقات الوجبات على هرمونات تُنظم الشهية، مثل هرمون الجريلين (هرمون الجوع) وهرمون اللبتين (هرمون الشبع). تناول الطعام مبكرًا يُساعد على تنظيم هذه الهرمونات، مما يُقلل من الشعور بالجوع المفرط في المساء ويُساعد على التحكم في كمية الطعام المُستهلكة.
  3. حرق سعرات حرارية أكبر: وجد الباحثون أن الجسم يحرق سعرات حرارية أكثر عند تناول الطعام في الصباح مقارنة بتناوله في المساء. هذا يُساهم بشكل مباشر في التحكم في الوزن.
  4. تحسين جودة النوم: تناول وجبة كبيرة في وقت متأخر من الليل يُمكن أن يُسبب عسر الهضم، حرقة المعدة، واضطرابات في النوم. النوم الجيد، بدوره، يُعد عاملًا حاسمًا في تنظيم الوزن.

 

تطبيقات عملية: كيف تُطبق هذه النصائح؟

 

بناءً على نتائج هذه الدراسة، يُمكنك إجراء تعديلات بسيطة على نمط حياتك لتحقيق فوائد صحية كبيرة:

  • تناول وجبة إفطار كاملة: اجعل وجبة الإفطار هي الوجبة الأكبر والأكثر ثراءً بالعناصر الغذائية في يومك. تُساعد هذه الوجبة على بدء عملية الأيض، وتُقلل من الرغبة في تناول وجبات خفيفة غير صحية خلال اليوم.
  • جعل وجبة العشاء أخف: اجعل وجبة العشاء وجبة خفيفة وتناولها قبل النوم بثلاث ساعات على الأقل.
  • تجنب الأكل بعد الساعة الثامنة مساءً: حاول الامتناع عن تناول الطعام بشكل عام في وقت متأخر من الليل، خاصة الوجبات السكرية أو الغنية بالدهون.
  • الاستماع إلى جسدك: انتبه لإشارات الجوع والشبع. إذا شعرت بالجوع في الصباح، فهذا مؤشر طبيعي على أن جسمك مُستعد للطعام.

 

خاتمة: لا تُهمل توقيت وجباتك

 

تُقدم هذه الدراسة دليلًا قويًا على أن توقيت وجباتنا له أهمية توازي أهمية ما نأكله. إن دمج هذه العادة البسيطة في روتينك اليومي، أي تناول الطعام مبكرًا والابتعاد عن الوجبات المتأخرة، يُمكن أن يُشكل فرقًا كبيرًا في رحلتك نحو وزن صحي، ويُساهم في الوقاية من أمراض مزمنة مثل السكري. ابدأ بتغييرات صغيرة اليوم لتستمتع بصحة أفضل على المدى الطويل.