الإستعدادات لمواجهة التسرب الإشعاعي ؟ الأضرار تمتد لآلاف الكيلومترات .
في ظل التوترات الإقليمية المتزايدة، والتصاعد المحتمل للهجمات العسكرية على المنشآت النووية، تتصاعد المخاوف من وقوع كارثة بيئية وصحية واسعة النطاق نتيجة لتسرب إشعاعي.
هذا السيناريو الكارثي لن يقتصر تأثيره على الدول المتضررة مباشرة، بل سيمتد ليطال دول الجوار والشرق الأوسط بأكمله، مما يحتم علينا الإستعداد الفوري لمواجهة مثل هذه الأزمة.
فما هي الإجراءات الوقائية التي يجب إتخاذها لحماية السكان من آثار التلوث الإشعاعي؟ وكيف يمكن للحكومات والمؤسسات الصحية الإستعداد لمثل هذا الإحتمال؟
في هذه المقالة، نستعرض أهم الإرشادات والخطوات التي يجب إتباعها في حال وقوع تسرب إشعاعي، مع تسليط الضوء على التجارب الدولية السابقة والدروس المستفادة منها.
فهم التسرب الإشعاعي : تعريفه وآلية حدوثه
التسرب الإشعاعي هو إنبعاث غير مُسيطر عليه للمواد المشعة من منشأة نووية إلى البيئة المحيطة.
قد ينجم هذا التسرب عن عدة عوامل، بما في ذلك الهجمات العسكرية، أو الكوارث الطبيعية كالزلازل، أو الأخطاء التقنية في تشغيل المفاعلات.
على سبيل المثال، في حال إستهداف مفاعل نووي إيراني، قد تتسرب مواد خطيرة مثل اليود المشع والسيزيوم-137 إلى الهواء، الماء، والتربة، مما يتسبب في أضرار واسعة النطاق قد تمتد لآلاف الكيلومترات.
التأثيرات الصحية للتعرض للإشعاع
يوضح الدكتور طارق عبد العزيز، خبير الإعلام النووي والمتخصص في الصراعات النووية، أن التعرض للإشعاع له تأثيرات صحية متفاوتة
الآثار قصيرة المدى : تظهر هذه الآثار عادةً بعد ساعات قليلة من التعرض وتشمل الغثيان، الحروق، الإرهاق، والتقيؤ.
الآثار طويلة المدى : قد تظهر هذه الآثار على المدى الطويل وتشمل أمراضًا خطيرة مثل السرطان، مشاكل الغدة الدرقية، العقم، وأمراض وراثية.
ومن الجدير بالذكر أن بعض الفئات تكون أكثر عرضة للتأثر بالإشعاع، مثل الأطفال، كبار السن، والحوامل.
إجراءات السلامة الوقائية للأفراد داخل المنزل .. و الإستعدادات لمواجهة التسرب الإشعاعي
في حال حدوث تسرب إشعاعي، هناك مجموعة من الإجراءات الوقائية التي يجب على الأفراد إتباعها داخل منازلهم لتقليل التعرض للإشعاع
- البقاء في أماكن مغلقة قدر الإمكان .
- إغلاق النوافذ والأبواب بإحكام لمنع دخول المواد المشعة.
- إستخدام الشريط اللاصق لسد أي شقوق أو فتحات صغيرة في النوافذ والأبواب.
- إيقاف تشغيل أنظمة التهوية الخارجية، مثل أجهزة التكييف التي تسحب الهواء من الخارج.
- إرتداء الكمامات والحرص على تغطية الأنف بقطعة من القماش المبلل لتصفية الهواء.
- متابعة التعليمات الرسمية التي تصدرها السلطات عبر موجات الراديو الإذاعية وغيرها من وسائل الإعلام الموثوقة.
- تجهيز حقيبة طوارئ مسبقًا تحتوي على جميع الأوراق الهامة للأسرة في حالة صدور تعليمات بالإخلاء.
- توعية المواطنين من خلال وسائل الإعلام المرئية والمسموعة ومواقع التواصل الاجتماعي، ويجب أن يتم ذلك من خلال مصادر رسمية خلال ساعة من حدوث التسرب.
دور الحكومات في مواجهة خطر التسرب الإشعاعي
يؤكد الدكتور طارق عبد العزيز على الدور الحيوي للحكومات في تفعيل خطط الطوارئ لمواجهة خطر التسرب الإشعاعي، والتي تشمل:
- إصدار تنبيهات سريعة وشفافة للسكان من خلال جميع وسائل الإعلام والمنصات الرقمية .
- تنظيم نقاط الإخلاء وتحديد مسارات آمنة لإجلاء السكان.
- إنشاء خطط طوارئ إشعاعية بالتعاون مع المنظمات الدولية، مثل الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA).
- المراقبة المستمرة لمستوى الإشعاع في الهواء والماء لتقييم مدى التلوث.
- إخلاء كامل للمناطق الأكثر قربًا للتلوث، وقد تمتد هذه المناطق حتى مسافة 50 كيلومترًا.
- إعطاء الأولوية في الإخلاء للمسنين، الأطفال، والمرضى، ويجب أن يتم ذلك خلال فترة تتراوح من ساعة إلى 4 ساعات.
- تأمين وسائل النقل الجماعي والإسعافات لنقل السكان بأمان.
- تجهيز ملاجئ ومراكز إيواء في المدن البعيدة عن إتجاه الرياح، ويستغرق هذا الأمر من 8 إلى 16 ساعة مع توفير وسائل الإتصال، الغذاء، والدواء.
- غلاق جميع المنافذ الجوية والبحرية لتقليل إنتقال التلوث، ويستغرق هذا من 16 إلى 24 ساعة مع تقييد السفر من وإلى المناطق المتأثرة والمتلوثة.
مصر في مأمن من خطر التسرب الإشعاعي
يؤكد الدكتور طارق عبد العزيز أن مصر آمنة تمامًا وخالية من أي تسرب إشعاعي، حيث تفصل بين جمهورية مصر العربية وإيران مسافة تزيد عن 2000 كيلومتر. كما أوضح أن وحدة نطنز التي تم تدميرها في إيران لم تتسبب في أي تسريب إشعاعي ملوث للبيئة.
وأضاف أن إيران تضم 11 موقعًا نوويًا، منها 6 مفاعلات (بوشهر 1، بوشهر 2، دارخوين، أراك، طهران، إيران هرمز) و5 مواقع لتخصيب اليورانيوم (نطنز، فوردو).
ويشير عبد العزيز إلى أن المفاعلات الرئيسية مثل مفاعل بوشهر 1، الذي يقع جنوب إيران على ساحل الخليج العربي، في حالة قصفه، سيمثل أضرارًا كبيرة على دول الخليج المحيطة بإيران.
ويعتمد حجم التأثير على كمية التسرب وسرعة الرياح والأمطار.













