صراع الساعات البيولوجية: كيف يُؤدي العشاء المُتأخر إلى إجهاد الأيض وزيادة خطر أمراض القلب؟
قد يبدو تناول وجبة العشاء قبل النوم مباشرة أمراً يخص الجهاز الهضمي فقط، لكن الأبحاث الحديثة في علم التغذية والقلب تؤكد أن هذه العادة تُشكل ضغطاً كبيراً على الجهاز القلبي الوعائي (Cardiovascular System). يكمن الخطر في الصراع مع الساعة البيولوجية (Circadian Rhythm) للجسم، مما يُجبر نظام الأيض على العمل بكامل طاقته في الوقت الذي يجب أن يستريح فيه ويُرمم نفسه.
1. تعارض التوقيت وإجهاد الأيض
يعمل الجسم وفق إيقاع طبيعي؛ ففي الليل، تتباطأ جميع العمليات الأيضية استعداداً للراحة. إن تناول وجبة ثقيلة في هذا التوقيت يُعطّل هذا الإيقاع ويُؤدي إلى سلسلة من المشاكل:
- ارتفاع السكر والأنسولين: تكون قدرة الجسم على معالجة الجلوكوز والتحكم في الأنسولين في أدنى مستوياتها ليلاً. تناول الطعام في وقت متأخر يُؤدي إلى ارتفاع مُطوّل في مستويات السكر في الدم. ومع تكرار هذه العادة، تزداد احتمالية الإصابة بمقاومة الأنسولين، وهي عامل خطر رئيسي لأمراض القلب والسكري.
- سوء إدارة الدهون: يتسبب العشاء المتأخر في بقاء مستويات الدهون (الدهون الثلاثية والكوليسترول الضار LDL) مُرتفعة في مجرى الدم أثناء النوم. وُجد أن هذا الارتفاع الليلي يرتبط بزيادة تراكم الترسبات في الشرايين، مما يُسرّع من تصلبها ويُمهد الطريق للنوبات القلبية.
2. التأثير المُباشر على القلب والأوعية
إن الإجهاد الأيضي لا يبقى مُنعزلاً، بل يُترجم إلى علامات حيوية تُهدد صحة القلب:
- ارتفاع ضغط الدم الليلي: أظهرت بعض الدراسات أن الأشخاص الذين يتناولون العشاء قبل النوم بساعتين أو أقل يكونون أكثر عرضة للمعاناة من ارتفاع ضغط الدم، خاصةً عدم الانخفاض الليلي الطبيعي للضغط. هذا الارتفاع الليلي المُستمر يُمثل علامة خطر مُبكرة لأمراض القلب.
- فشل “الراحة” الدورية: خلال النوم الطبيعي، يعمل القلب بمعدل أبطأ ويقل الجهد عليه. عندما يُجبر الجسم على الهضم بكثافة في هذا الوقت، يبقى القلب مُحمّلاً بعبء أكبر من المُفترض، مما يحد من فرصته في الراحة والترميم.
للحفاظ على صحة قلبك، يُنصح بترك فاصل زمني لا يقل عن ساعتين إلى ثلاث ساعات بين آخر وجبة والدخول إلى السرير.












