كنتاكي .. من خيبة أمل في سن الشباب لنجاح منقطع النظير في سن التقاعد
حقق الكولونيل هارلند ساندرز حلمه بعد تجاوزه الـ 56 عاماً من عمره، هو مؤسس سلسلة مطاعم كنتاكي، التي تعد الآن واحدة من أضخم سلاسل الوجبات السريعة حول العالم.
ولد ساندرز عام 1890 بالولايات المتحدة في أسرة فقيرة، واضطر للعمل مبكراً بعد أن توفي والده مبكراً، وحصل الولد الفقير على وظيفة مزارع.
ولكن تم طرده منها، وكاد يكابد مشاق الحياة مع والدته، التي هجرته مع إخوته وهو بسن 12 عاماً، ليصبح المعيل والسند لإخوته.
وظل يرعى أخاه وأخته، ويعد لهما الطعام، إلا أنه لم يكن يعلم بأن هذا العمل الشاق بالنسبة لمن في عمره كان يخبئ له في المستقبل مليارات الدولارات، فقد أتقن هارلند فن الطبخ، وأصبح يعشقه، وهذا سبب الخلطة الشهيرة التي اخترعها لاحقاً.
في عمر الـ 19 عاماً تزوج وأصبح أباً لطفلة، درس القانون وعمل محامياً، لكنه طرد بعد مشاجرة بقاعة المحكمة. عمل ساندرز في عدة مجالات، منها تصنيع المصابيح ومندوب للمبيعات، ولم يحقق أي نجاح. رغم المصاعب التي ظلت تلاحق ساندرز فقد اشترى محطة لخدمة السيارات في ولاية كنتاكي.
عندما بلغ هارلند سن 39 قدم إليه أحد أصحابه، وهو يتذمر من سوء الطبخ في المطاعم الموجودة بولاية كنتاكي، فلمعت في فكر ساندرز فكرة إنشاء مطعم يقدم الطعام لسكان المدينة، فبدأ بالعمل والتخطيط فحوّل إحدى الغرف في المحطة، التي كان يملكها إلى مطبخ لبيع الدجاج المقلي والبطاطس والخضار، فاشتهر المطعم خلال بضعة شهور.
وفي عامه الأربعين قام بإغلاق المحطة، وتحويلها إلى مطعم تحت مسمى كافي ساندرز. بعد عشر سنوات اكتشف طريقة سرية لقلي الدجاج من دون الحاجة لاستخدام زيت الطبخ، لكن ساندرز لم يعجبه الوضع، فكان طموحه أكبر مما عليه في ذلك الوقت.
هنا باع الدجاج المقلي، وحقق نجاحاً باهراً، حصل على لقب كولونيل تقديراً لمهارتها في الطهي، أثناء نجاح مطعمه المكتظ بالزبائن.
حصل على عرض شراء للمطعم بمبلغ 150 ألف دولار، وهو مبلغ كبير في تلك الأيام، ولكنه رفض البيع مستمراً بصعوده، إلا أنه بعد فترة قصيرة تعرض لنكسة قاتلة، حيث أعيد تخطيط المدينة، وتم تحويل الطريق العام إلى اتجاه آخر تماماً، ما جعل المطعم يسقط، وينتهي بسبب قلة الزبائن.
وإضطر لبيع المطعم بعدها بربع السعر الأول، وظلت الأمور من فشل إلى فشل حتى وصل ساندرز إلى سن التقاعد، ولكن لم يستطع العجوز الموهوب البقاء في المنزل.
لم يستسلم ساندرز من الجولة الأولى، فبدأ بتحضير خلطته السرية، وعرضها على المطاعم، لكنه أصيب بخيبة أمل أخرى، لأن المطاعم رفضت فكرته مئات المرات حتى حصل على الموافقة بعد المحاولة رقم 1090.
بعد أن وافق أحد المطاعم على تبنيها، ثم تزايدت عدد المطاعم إلى 5 مطاعم بعد سفر بين الولايات وتعب متواصل، استطاع ساندرز تأسيس سلسلة مطاعم دجاج كنتاكي حتى وصلت إلى 200 مطعم.
وتأكيداً لنجاحاته وريادته في عالم الوجبات السريعة في السنوات المبكرة نجح في العام 1940 في ابتكار ما أصبح يُعرف بعد ذلك بـ”الخلطة السرية” التي ما زالت – على الأقل من الناحية النظرية – سراً صناعياً غير مكشوف إلى يومنا هذا، وهي عبارة عن خليط من 11 نوعاً مختلفاً من البهارات والتوابل الخاصة طوره (ساندرز) بنفسه في مطبخه.
وفي عام 1963 وصل عدد الفروع إلى 600 فرع، وفي تلك الفترة قرر بيع امتياز مطاعم كنتاكي إلى جان براون والمليونير جاك ماسي مقابل مليون دولار وراتب شهري يقدر بـ 40 ألف دولار، ثم بعد ذلك 75 ألف دولار مدى الحياة، ومقعد دائم له في مجلس الإدارة.
مع الوقت سارت مطاعم دجاج كنتاكي علامة تجارية كبرى، ووصلت إلى العالمية، وبلغ عدد فروعها حول العالم قرابة 20.000 فرع، تقدم وجبات الدجاج بالخلطة السرية التي طوّرها الكولونيل ساندرز قبل رحيله في عمر 90 عاماً.
بلغت ثروة ساندرز ملايين الدولارات، وما زال أحفاده وأحفادهم ينهلون من الخير الوفير والشهرة الكبيرة التي حققها لهم جدهم.
أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي أبداً