حقيقة الزكاة على القروض : توضيحٌ فقهيٌ من دار الإفتاء المصرية
أجاب الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، عن تساؤلاتٍ فقهيةٍ مهمةٍ تخص زكاة المال، خاصةً فيما يتعلق بالقروض البنكية وشهادات الإستثمار، مؤكدًا على أن فهم شروط الزكاة الصحيحة أمرٌ جوهريٌ لكل مسلم.
شروط وجوب الزكاة : ثلاثة أركان أساسية
حقيقة الزكاة على القروض .. أوضح الدكتور شلبي أن الزكاة لا تجب على المال إلا إذا تحققت فيه ثلاثة شروط أساسية، وهي :
إمتلاك النصاب : وهو الحد الأدنى للمال الذي تجب فيه الزكاة.
مرور الحول : أي مرور سنة هجرية كاملة على إمتلاك المال .
أن يكون فائضًا عن الحاجة الأصلية : فلا يزكى المال المحتاج إليه لحياة الإنسان، كما يجب ألا يكون مشغولًا بدينٍ.
هل تجب الزكاة على المال المأخوذ بقرضٍ؟
في إجابته على سؤالٍ يتعلق بشراء شهادات إستثمارية بقرضٍ من البنك، أوضح أمين الفتوى أن الدين يخصم أولًا عند حساب النصاب.
وبناءً على ذلك، إذا كان المبلغ المتبقي بعد خصم قيمة الدين لا يبلغ النصاب، فلا تجب فيه الزكاة. أما إذا بلغ النصاب ومر عليه الحول، فتجب فيه الزكاة.
التحذير من تدوير الأموال الوهمي
إنتقل الدكتور شلبي للحديث عن فكرة الإقتراض من البنك لشراء شهادة إستثمارية داخل البنك نفسه، محذرًا من أن هذه المعاملة لا تحقق أي منفعةٍ حقيقيةٍ للمجتمع.
ووصف هذا النوع من المعاملات بأنه مجرد “تدويرٍ للأموال بين دفاتر البنك”، مؤكدًا أنه لايعود بالنفع على الزراعة أو الصناعة أو التجارة، وبالتالي لا يسهم في التنمية الحقيقية.
وشدد أمين الفتوى على أن الأصل في المعاملات البنكية هو الإستثمار الحقيقي الذي يخدم المجتمع، وليس مجرد تدويرٍ للأموال بطريقةٍ وهميةٍ.
ففي الإسلام، المال ليس غايةً في ذاته، بل هو وسيلةٌ لتحقيق المقاصد السامية، وسيُسأل عنه الإنسان يوم القيامة : من أين إكتسبه؟ وفيم أنفقه؟
القرآن شفاءٌ للروح والرقية الشرعية
في ختام حديثه، تطرق الدكتور شلبي إلى سؤالٍ آخر يتعلق بالعلاج بالقرآن.
وأكد أن القرآن الكريم شفاءٌ لما في الصدور ورحمةٌ للمؤمنين، لكنه أوضح أن علاج الأمراض البدنية يكون عند الأطباء وأهل الإختصاص.
وأشار إلى أن الرقية الشرعية والآيات القرآنية تُقرأ على المريض من باب اللجوء إلى الله والأخذ بالأسباب، مستشهدًا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: “تداووا عباد الله فإن الله لم ينزل داء إلا أنزل له دواء“.
بهذه الإيضاحات، قدم أمين الفتوى رؤيةً شرعيةً متكاملةً تجمع بين الأحكام الفقهية وتراعي المقاصد الشرعية في المعاملات المالية، مع التأكيد على أهمية الأخذ بالأسباب في جميع شؤون الحياة.














