الأسرارُ وراء إشتهاء الحلوى بعد الأكل مباشرة : الدماغ والسكر ومكائدُ التواصل الإجتماعي .
يشيع لدى الكثير من الأشخاص الشعور بالرغبة الملحّة في تناول الأطعمة الحلوة بعد الوجبات، وخاصة خلال المساء.
هذه الظاهرة لا ترتبط بالجوع بالضرورة، بل تتشابك فيها عوامل فيزيولوجية ونفسية وبيئية عديدة. وقد أوضح خبراء التغذية أن هذه الرغبة مرتبطة بعدة أسباب عامة وشخصية، تبدأ من مستويات السكر في الجسم ولاتنتهي عند تأثيرات وسائل التواصل الإجتماعي.
لذلك، نتعمق في هذه المقالة لنستكشف الأسباب الخفية وراء هذا السلوك الغذائي المنتشر.
1. الحرمان المُدرَك ونقص السكريات في النظام الغذائي
يُعدّ إتباع نظام غذائي محدد، أو التقليل من تناول السكريات بشكل كبير، أحد الأسباب الرئيسية لزيادة إشتهاء الحلوى.
في هذا السياق، ذكر موقع “فيري ويل هيلث” أن الجسم قد يُصاب بـ “الحرمان المدرَك”. هذه الحالة تجعل الدماغ يشعر بالحرمان من شيء معين حتّى وإن لم يكن الجسم بحاجة إليه فعلياً، ونتيجة لذلك، يبدأ الدماغ في إشتهاء ذلك الطعام بالتحديد لـ”تعويض” النقص.
في هذا الصدد، أوضحت أستاذة في قسم علوم التغذية بجامعة تكساس، آن فان بيبر، أن الرغبة الشديدة في نوع معين من الطعام هي في الأساس “إستجابة مُكتسبة” يتعلمها الدماغ بمرور الوقت.
2. قوة المحفزات البصرية : الإعلانات ووسائل التواصل الإجتماعي
لا تقتصر الأسباب على العوامل الداخلية فقط، بل تلعب البيئة المحيطة دوراً كبيراً أيضاً. تُعدّ الإعلانات والمنشورات المُصوّرة للأطعمة الشهية على منصات التواصل الإجتماعي من بين المحفزات الأساسية التي تزيد من الرغبة في تناول الطعام.
وحول هذا التأثير، أوضحت فان بيبر أن هذه المحفزات تنشّط إستجابة فيزيولوجية فورية في الجسم، مثل زيادة إفراز اللعاب، وتسارع دقات القلب، بالإضافة إلى إفراز الإنزيمات والهرمونات الهضمية، التي تُهيئ الجهاز الهضمي لإستقبال الطعام قبل أن يتم تناوله بالفعل.
3. تنشيط دوائر المكافأة في الدماغ والأكل العاطفي
يرتبط تناول السكر بزيادة نشاط دوائر المكافأة في الدماغ، مما يؤدي إلى زيادة إفراز هرموني الدوبامين والتستوستيرون، وهما هرمونان مرتبطان بالشعور بالسعادة والتحفيز.
من هذا الترابط، إنتشرت ظاهرة “الأكل العاطفي”، حيث أكدت العديد من الدراسات أن المزاج السيئ أو التوتر يدفع الأشخاص إلى تناول الأطعمة الغنية بالدهون والكربوهيدرات، وذلك لأنها تحفّز إفراز مواد تمنح شعوراً مؤقتاً بالراحة والسعادة.
على الرغم من ذلك، أكدت الأبحاث أن الإفراط في تناول السكر قد يؤثر سلباً على مستويات الدوبامين في الجسم على المدى الطويل، مما يخلق حلقة مُفرغة من الإعتماد على السكر لتحسين المزاج.
4. إختلال سكر الدم والحاجة إلى التوازن الغذائي
يُعدّ عدم توازن الوجبات سبباً فيزيولوجياً مهماً. فعند تناول وجبة غير متوازنة، يحدث إرتفاع مفاجئ في سكر الدم، ولكن بعد لحظات، ينخفض مستواه بشكل سريع، مما يولّد شعوراً قوياً بالحاجة إلى تناول السكريات لرفع مستوى السكر مرة أخرى.
للتغلب على ذلك، ينصح الخبراء بتناول وجبات متوازنة تحتوي على البروتينات، والألياف، والدهون الصحية، والتي تساعد في إبطاء إمتصاص السكر والحفاظ على مستوياته ثابتة في الدم.
5. تجدد رغبة براعم التذوق في التنوع
تكمن إحدى النظريات في أن براعم التذوق قد “تجدد” رغبتها في تجربة نكهة جديدة عند تناول كمية كافية من بعض الأطعمة أو النكهات خلال الوجبة، وغالباً ما تكون النكهة المُرادة هي “الحلاوة”.
لهذا السبب، أوضحت فان بيبر أن هذا الأمر يمكن تجاوزه عبر دمج نكهات حلوة مع الحامضة، والمرة، والمالحة في ذات الوجبة، مما يُشبع حاجة براعم التذوق إلى التنوع دون اللجوء إلى طبق حلو مُنفصل.
6 . ذروة الإشتهاء في فترة المساء
كشفت أبحاث أن إشتهاء الأطعمة الحلوة والمالحة يزداد تدريجياً طوال اليوم، ويبلغ ذروته في فترة المساء، وفقاً لأخصائية التغذية وأستاذة بجامعة واشنطن، جون سالج بليك.
بعد معرفة الأسرارُ وراء إشتهاء الحلوى بعد الأكل وعلاوة على ذلك، أظهرت دراسة أخرى أن الرغبة في تناول الوجبات الخفيفة والحلويات تزداد بمرور الأيام بغض النظر عن الشعور بالجوع الفعلي.
ختاماً، ولإشباع هذه الرغبة مساءً دون إضرار، تنصح فان بيبر بتناول خيارات صحية مثل قطعة فاكهة أو أي طعام صحي آخر يحتوي على سكريات طبيعية.