حرب المتصفحات تشتعل والذكاء الإصطناعي يُسقط كروم ويشعلان الحرب

تكنولوجيا

استمع الي المقالة
0:00

حرب المتصفحات تشتعل والذكاء الإصطناعي يُسقط كروم ويشعلان الحرب

على مدار عقدٍ كامل حافظ جوجل كروم على عرشه كالمتصفح الأكثر إستخدامًا حول العالم مهيمنًا على ثقافة الإنترنت ومتصدرًا المنافسة وذلك على الرغم من محاولات عديدة من منافسين كبار مثل “مايكروسوفت إيدج” و”أوبرا” وغيرهما.

وفي الحقيقة ورغم الإتهامات المتكررة لجوجل بالإحتكار ظل كروم متفوقًا بلا منازع حتى أصبح رمزًا لعصر الإنترنت الحديث.

لكن، هذه الهيمنة بدأت تواجه إختبارًا حقيقيًا مع الطفرة التي أحدثها الذكاء الإصطناعي التوليدي لتدخل السوق اليوم مرحلة جديدة من المنافسة يقودها جيل من المتصفحات الذكية.

الذكاء الإصطناعي يُعيد تعريف التصفح

لقد دخلت السوق الآن مجموعة من المتصفحات الذكية على رأسها ChatGPT Atlas من شركة OpenAI وPerplexity Comet من شركة Perplexity.

وبالتالي تم تصميم كلا المتصفحين ليكونا أكثر من مجرد أدوات تصفح بل مساعدين رقميين شخصيين قادرين على الفهم والتحليل والتنفيذ نيابةً عن المستخدم.

إذًا إنها ليست مجرد تحديثات تقنية بل ثورة في طريقة تعاملنا مع الويب.

ChatGPT Atlas : المتصفح الذي “يفعل” لا يكتفي بالبحث

أطلقت OpenAI متصفحها الجديد “أطلس” (Atlas) لأول مرة على نظام macOS وقَدّمته كـ”فاعل” لا مجرد متصفح.

وفي هذا السياق يهدف أطلس لتحويل المتصفح إلى وكيل شخصي قادر على تنفيذ المهام اليومية المعقدة بتعليمات واحدة فقط عبر ميزة “وضع الوكيل” – المتاحة حاليًا للمشتركين المدفوعين.

آلية العمل : يقوم “أطلس” تلقائيًا بفتح الصفحات المطلوبة والنقر على الأزرار وملء النماذج ليُنجز المهمة كاملة من تلقاء نفسه.

المزايا الإضافية : يُضاف إلى ذلك شريط جانبي مدمج مع ChatGPT يقدم للمستخدم ملخصات فورية للمحتوى ومساعدات في الكتابة ودعمًا مباشرًا أثناء العمل داخل تطبيقات الويب.

جدل الخصوصية : لكن هذه القدرات الهائلة تأتي مصحوبة بجدل واسع حول الخصوصية إذ يعتمد أطلس على نظام “ذكريات المتصفح” الذي يحتفظ بكل ما يقوم به المستخدم.

ولذلك حذر النقاد من أن تلك الذاكرة قد تتحول إلى سيفٍ ذي حدين خاصةً مع حجم البيانات التي تُجمع في الخلفية.

فلسفة المتصفح : مع ذلك يرى أنصار OpenAI أن أطلس يمثل قفزة في الإنتاجية الشخصية موجهًا بالأساس للمستخدمين الذين يفضلون السرعة والراحة مقابل التنازل النسبي عن بعض الخصوصية.

Perplexity Comet : الباحث الذكي الذي يُفكك التعقيد

في الجهة المقابلة يقدّم Perplexity Comet نفسه كـ”الباحث” لا “الفاعل” مُركِّزًا على فهم المعلومات لا تنفيذها.

فمن الناحية التحليلية يقوم المتصفح بتجميع وتحليل البيانات من مصادر متعددة ثم يقدم إجابات مُجمَّعة وموثقة بالمراجع ما يجعله أداة مثالية للطلاب والباحثين والمحللين.

ميزة مساحة العمل : تعد إحدى أبرز ميزاته هي مساحة العمل (Workspace) التي تسمح للمستخدم بتجميع مجموعة من علامات التبويب لمشروع معين ثم طرح سؤال تحليلي شامل مثل: “بناءً على هذه المصادر ما أبرز المخاطر التي قد تواجه هذا المشروع؟”

آلية الإستيعاب : يقرأ Comet كل الصفحات المفتوحة ويفهم محتواها ليقدّم إجابة دقيقة مدعومة بالإستشهادات والمراجع.

الذاكرة الدائمة : علاوةً على ذلك يحتفظ المتصفح بما يُعرف بـ”ذاكرة النوايا الدائمة” التي تتذكر هدف المستخدم من كل مشروع ما يتيح له إستكمال العمل لاحقًا من النقطة ذاتها دون فقدان السياق.

رؤية تنافسية : يرى الخبراء أن Comet يتفوق في دقة البحث وسرعة الإستيعاب إذ يركز على تنظيم الكم الهائل من المعلومات وتحويله إلى معرفة قابلة للإستخدام أكثر من كونه أداة تنفيذية كالتي يقدمها أطلس.

الفلسفة المعلنة : وفي منشور هام لرئيس شركة Perplexity أرافيند سرينيفاس عبّر عن فلسفة شركته بوضوح عندما قال : “الإنترنت أهم من أن يُترك في أيدي Google.”

وهو تصريح يُلخص روح المنافسة الجديدة بين هذه الشركات و يوضح أن حرب المتصفحات تشتعل .

Google Chrome  الرد الأصيل بالذكاء الإصطناعي

من جهتها لم تقف جوجل مكتوفة الأيدي أمام هذا التحدي فقد أعلن الرئيس التنفيذي سوندار بيتشاي أن الشركة كانت – في الواقع – سبَّاقة في تطوير أنظمة الذكاء الإصطناعي لكنها لم تطرحها تجاريًا في وقت مبكر مثل منافسيها.

تحديث  Gemini : في سبتمبر الماضي كشفت جوجل عن تحديث جوهري لمتصفح كروم يدمج مساعدها الذكي Gemini مباشرة داخل المتصفح.

القدرات الحالية : يتيح التحديث الجديد تلخيص الصفحات تلقائيًا وإستدعاء المحتوى من الزيارات السابقة وتقديم تلخيصات متعددة لعلامات التبويب المفتوحة على غرار ما يقدمه “كوميت“.

التكامل العميق : لكن ما يُميز “كروم” حقًا هو تكامله العميق مع منظومة جوجل الواسعة حيث يمكن للمستخدم أن يطلب من “جيميني” مثلاً : “أعثر على رسالة البريد الإلكتروني من هذا الشخص” أو “راجع تقويمي ليوم الثلاثاء” أو “إبحث عن مطعم جيد بالقرب على خرائط جوجل”.

المستقبل المنتظر : كما تستعد الشركة لإطلاق ما تسميه “إمكانيات الوكلاء” التي ستمكن “جيميني” من تنفيذ مهام متعددة الخطوات لتنافس مباشرةً قدرات “أطلس” في الأتمتة.

الخلاصة فهو سباق العقل الإصطناعي

حرب المتصفحات تشتعل ويُعد السباق بين هذه المتصفحات الثلاثة لا يتعلق بالسرعة أو التصميم أو الإضافات كما في السابق بل بالعقل الإصطناعي الذي يقف وراءها.

ففي الختام كل متصفح منها يقدّم رؤية مختلفة لكيفية تفاعل المستخدم مع الويب إما كـ”وكيل منفذ” (أطلس) أو “باحث مُحلِّل” (كوميت) أو “مساعد متكامل” (كروم).