نهاية وهم الثراء .. القبض على عصابة “VSA” وسقوط ملايين المصريين
تمكنت أجهزة الأمن المصرية مؤخرًا من توجيه ضربة قوية لشبكات النصب الإلكتروني، حيث ألقت القبض على المسؤولين عن منصة “VSA” الوهمية التي إستولت على ملايين الجنيهات من أموال المواطنين المصريين.
هذه القضية تسلط الضوء على خطورة التطبيقات والمواقع المشبوهة التي تستغل طموحات الأفراد لتحقيق أرباح سريعة، محذرةً من مغبة الوقوع في براثن الإحتيال الرقمي.
البداية : وعود كاذبة وأرباح وهمية
تلقى العديد من المواطنين المصريين، 58 بلاغًا منهم تم تسجيلها رسميًا، عروضًا مغرية عبر منصة “VSA” التي روجت لنفسها كفرصة إستثمارية واعدة.
الوعد كان بسيطًا وجذابًا: شاهد مقاطع فيديو وإعلانات لشركات عالمية، وإدفع رسوم عضوية، ثم اجنِ أرباحًا مالية تصاعدية.
وصلت قيمة الأموال المستولى عليها من هؤلاء المبلغين وحدهم إلى حوالي 2.5 مليون جنيه، مما يكشف عن حجم الخسائر التي تكبدها الضحايا.
تكتيكات الإحتيال : إغراء وتضليل
لم تكن “VSA” مجرد منصة بسيطة، بل كانت جزءًا من تشكيل عصابي محترف في النصب والإحتيال الإلكتروني .
إعتمدت المنصة على عدة تكتيكات لإيقاع الضحايا
الترويج عبر وسائل التواصل الإجتماعي : إستخدم الجناة منصات التواصل الإجتماعي لنشر الوعي بالمنصة وجذب المزيد من الضحايا، مستغلين قوة الإنتشار الرقمي.
رسوم عضوية وعمولات : طلبت المنصة من المشاركين سداد رسوم عضوية تحصّل عن طريق محافظ مالية إلكترونية، وهو ما يعد مؤشرًا على أن المعاملات تتم خارج القنوات المصرفية الرسمية.
التواصل عبر واتساب بأرقام دولية : لزيادة المصداقية وإضفاء طابع دولي على نشاطهم الإجرامي، تواصل المسؤولون عن المنصة مع الضحايا عبر تطبيق واتساب، مستخدمين أرقامًا دولية .
مستويات الأرباح الوهمية : قدمت المنصة نظامًا للمهام بمستويات مختلفة، تبدأ من “V1” بأرباح يومية صغيرة (40 جنيهًا لمشاهدة 5 إعلانات) وتصل إلى “V6” بأرباح ضخمة (8000 جنيه يوميًا).
كما قدمت مكافآت لمن يجلب عملاء جدد، مما دفع المشتركين للترويج لها بشكل أكبر.
ساعة الصفر : إنكشاف المخطط والقبض على الجناة
مع تزايد أعداد الضحايا وتوقف المنصة عن دفع الأرباح، بدأت الشكوك تتراكم.
حرر عدد من المصريين بلاغات رسمية ضد المنصة لدى مباحث الأموال العامة ومباحث تكنولوجيا المعلومات، مما دفع الأجهزة الأمنية للتحرك.
بعد تقنين الإجراءات، نجحت وزارة الداخلية في استهداف عناصر التشكيل العصابي وضبط 23 متهمًا.
لم يقتصر الأمر على القبض على الجناة، بل تمكنت السلطات من ضبط كميات كبيرة من المضبوطات المالية والعينية التي تقدر بأكثر من 32 مليون جنيه
وشملت مبالغ نقدية، ومحافظ إلكترونية، وسيارات، وهواتف محمولة، وحواسب آلية، وكميات كبيرة من شرائح هواتف المحمول المفعل عليها محافظ إلكترونية.
تداعيات الإحتيال وتحذيرات للمستقبل
القبض على عصابة “VSA” وكشفت المحامية نهى الجندي، التي تولت قضية بعض الضحايا، عن تفاصيل أخرى تكشف مدى تخطيط الجناة.
أشارت إلى أن التعاملات المالية كانت تتم عبر المحافظ الإلكترونية وليس البنوك، مما جعل تتبع الأموال أكثر صعوبة.
كما إستغل القائمون على المنصة حادث حريق سنترال رمسيس وإنقطاع الإتصالات ليُظهروا إنقطاع تواصل العملاء معهم وكأنه مرتبط بالحادث، قبل أن تختفي المنصة تمامًا.
وفي ضوء هذه الواقعة، جددت الداخلية المصرية تحذيراتها للمواطنين من التعامل مع مثل هذه التطبيقات مجهولة المصدر التي تعد بأرباح مالية سريعة.
هذه الحوادث تذكير صارخ بضرورة توخي الحذر الشديد والتحقق من مصداقية أي فرصة إستثمارية عبر الإنترنت قبل إيداع الأموال.
الحفاظ على مدخرات الأفراد يتطلب وعيًا مستمرًا بالمخاطر المحتملة في العالم الرقمي.
