مهرجان القاهرة السينمائي الدولي 46 يكشف عن مشروع ترميم 1300 فيلم كلاسيكي
يُسلِّط مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته السادسة والأربعين هذا العام الضوء على الأرشيف الواسع للكلاسيكيات المصرية التي تخضع حاليًا للترميم.
وقد مثلت هذه المبادرة التي جرى الكشف عن تفاصيلها في حفل الإفتتاح التزامًا متجددًا بالحفاظ على التراث السينمائي المصري وإحيائه.
إبهار الإفتتاح عودةٌ بالزمن إلى الكلاسيكيات
شهد حفل إفتتاح المهرجان عرضًا مُبهرًا لقطاتٍ “قبل وبعد” ترميم أفلام بارزة مثل “جريمة في حي هادئ” لحسام الدين مصطفى و”شروق وغروب” لكمال الشيخ.
وقد أثارت هذه اللقطات ردود فعلٍ إيجابية قوية لدى الجمهور والضيوف مع عودة صورٍ عمرها عقودٌ إلى الظهور بوضوحٍ ونسيجٍ جديدين.
بالنسبة لرئيس المهرجان حسين فهمي كانت هذه اللحظة بمثابة إشارةٍ واضحة إلى التزامٍ عميق ليس فقط بحماية التراث السينمائي المصري بل بإحيائه أيضًا ليكون متاحًا للأجيال الجديدة.
وقد أكد فهمي أن عرض لقطات الترميم المتوازية أثار حماس ضيوف المهرجان مؤكدًا على تطور عصر الإستوديوهات المصرية والحرفية التي كانت تُضاهي السينما الأمريكية والأوروبية في عصرها الذهبي.
برنامج الترميم طموحٌ ثقافي يواكب التكنولوجيا
يُمثّل برنامج الترميم الجاري تنفيذه بالشراكة مع الشركة القابضة للإستثمار في مجالات الثقافة والسينما التابعة لوزارة الثقافة المصرية أحد أكثر جهود الأرشيف طموحًا في تاريخ المنطقة بأسرها.
وقد صرَّح فهمي أن هذا الدفع نابعٌ من حس المسؤولية الثقافية وضرورة مواكبة التحول الجذري في تقنيات صناعة الأفلام قائلًا “لقد تغيرت التكنولوجيا وكان عليَّ أن أواكبها”.
تجدر الإشارة إلى أن هذه المبادرة ليست وليدة اللحظة فقد بدأ مهرجان القاهرة السينمائي الدولي بترميم وعرض الأفلام التراثية في دوراته الأخيرة ووسَّع نطاق جهوده بشكل مطرد ليصل إلى البرنامج واسع النطاق الذي تم الكشف عنه هذا العام.
حجم العمل تحدٍّ وفرصةٌ إستثنائية
في حين تُمثّل الدفعة الأولى المُرمَّمة إنجازًا بارزًا فإن حجم العمل المُنتظر لا يزال مُذهلًا. فقد أقرَّ فهمي صراحةً بوجود 1300 فيلم بحاجة إلى الترميم.
ومع ذلك فهو يرى أن حجم هذا الأرشيف يمثل فرصةً طويلة الأجل.
بمجرد رقمنة هذه المجموعة الهائلة وإتاحتها يُمكن أن تُشكّل أحد أشمل أرشيفات السينما العربية في العالم.
وقد أكد فهمي على هذه الرؤية بقوله “إذا توافرت لدينا كل هذه الأرقام يُمكننا أن نمتلك منصةً رائعةً تضم مجموعةً واسعةً من الأفلام”.
دور السينما المصرية هُويةٌ راسخة وجاذبيةٌ عالمية
وضع فهمي جهود الترميم في إطار إنعكاسٍ أوسع لدور مصر المُتغيِّر في الإنتاج الإقليمي.
كانت مصر تُنتج سابقًا حوالي 60 فيلمًا سنويًا وتُصدِّرها إلى جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لكن الإضطرابات السياسية وخسائر الأسواق والجائحة أدَّت إلى إنخفاض الإنتاج إلى 16 فيلمًا في المتوسط سنويًا خلال السنوات الأخيرة.
ومع ذلك يُصر فهمي على أن السينما المصرية تُحافظ على هويتها الراسخة مشيرًا إلى أن “عندما تُشاهد فيلمًا مصريًا تُدرك أنه سينما مصرية”.
ويُجادل فهمي بأن إيقاعها ومواضيعها وخلفيتها الثقافية هي ما يمنحها جاذبيةً دوليةً دائمة مضيفًا “كلما إزدادت عالمية كان ذلك لأنك تستمد من مجتمعك وثقافتك الخاصة”.
رسالة الترميم إلهامٌ للجيل الجديد من صُنَّاع الأفلام
يرى فهمي أن برنامج الترميم لا يقتصر هدفه على الحفاظ على التراث بل يمتد ليشمل استعادة نوع من صناعة الأفلام العاطفية التي يشعر أنها مفقودة بشكل متزايد في السينما السائدة اليوم.
فقد أشار الممثل المخضرم إلى أن “العيب فيما يحدث اليوم هو أننا عندما نشاهد الأفلام لا نكون جزءًا منها” على عكس “الأفلام التي صنعناها حملت الكثير من المشاعر والعواطف”.
لذلك يأمل فهمي أن تُلهم إعادة تقديم السينما المصرية الكلاسيكية المتجذرة في الشخصية والمزاج والتقارب العاطفي صانعي الأفلام الشباب على إعادة التواصل مع سرد القصص المتجذرة في الإنسانية بدلًا من الإستعراض المحض.
الخلاصة
حديثه ووسط منافسة متزايدة من المهرجانات الإقليمية أكد فهمي على ضرورة أن يظل مهرجان القاهرة السينمائي الدولي “شابًا في روحه” حتى مع وصوله إلى دورته السادسة والأربعين.
ويعتقد أن إحياء الأرشيف الوطني هو أحد أقوى الطرق للقيام بذلك من خلال الحفاظ على التاريخ مع إعطاء صناع الأفلام الجدد أساسًا يمكنهم البناء عليه.














