شهد قطاع التكنولوجيا العالمي في أكتوبر 2025 موجة جديدة من إعادة الهيكلة، مدفوعة بتوسع استخدام الذكاء الاصطناعي في العمليات التشغيلية، مما أدى إلى تسريحات واسعة للعمالة البشرية، خاصة في وادي السيليكون. شركات كبرى مثل Meta، Amazon، وTata Consultancy Services (TCS) أعلنت عن جولات جديدة من تقليص الوظائف، في محاولة لتبسيط العمليات وتعزيز الكفاءة عبر الأتمتة.
بحسب بيانات منصة Layoffs.fyi،فقد أكثر من 91,700 موظف وظائفهم في 212 شركة تقنية هذا العام، مع توقعات بأن الرقم الحقيقي قد يكون أعلى، نظرًا لعدم إعلان بعض الشركات رسميًا عن قراراتها. شركة Meta وحدها أعلنت عن تسريح 600 موظف إضافي في قسم الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك مختبرات الذكاء الفائق، في إطار خطة الرئيس التنفيذي مارك زوكربيرغ لإنشاء “مؤسسة أكثر مرونة”.
التحول نحو الذكاء الاصطناعي لم يقتصر على التشغيل الداخلي، بل امتد إلى تطوير المنتجات والخدمات، حيث بدأت الشركات في استبدال فرق كاملة من المحللين والمحررين بأنظمة تعتمد على نماذج لغوية متقدمة مثل GPT-4 Turbo وClaude Haiku 4.5. هذا التوجه أثار جدلاً واسعًا حول مستقبل الوظائف التقنية، ودور الإنسان في بيئة العمل المستقبلية.
في المقابل، ظهرت دعوات من خبراء التكنولوجيا بضرورة إعادة تأهيل العاملين، وتوفير برامج تدريبية تُمكنهم من التكيف مع التحول الرقمي، بدلًا من الاستغناء عنهم. كما بدأت بعض الجامعات في تعديل مناهجها لتشمل مهارات الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات، والتعامل مع الأنظمة الذكية.
الخبراء الاقتصاديون يرون أن هذه الموجة من التسريحات ليست مجرد أزمة عابرة، بل تعكس تحولًا هيكليًا في سوق العمل، حيث يُعاد تعريف الوظائف، وتُعاد صياغة العلاقة بين الإنسان والآلة. ويؤكدون أن الشركات التي تنجح في تحقيق التوازن بين الأتمتة والتمكين البشري ستكون الأكثر قدرة على الاستدامة والنمو.
في النهاية، الذكاء الاصطناعي يواصل فرض نفسه كلاعب رئيسي في صناعة التكنولوجيا، لكن السؤال الأهم يبقى: هل تستطيع الشركات الحفاظ على إنسانيتها وسط هذا التحول الجذري؟














