الدهون الحشوية: كيف تُشعل الالتهابات بالجسم وتُهدد صحتك؟ وكيف تتخلص منها؟
ليست كل الدهون متساوية. بينما تُعد الدهون تحت الجلد (التي يمكنك لمسها تحت الجلد مباشرةً) غير ضارة نسبيًا، فإن هناك نوعًا آخر من الدهون يُشكل تهديدًا حقيقيًا للصحة: الدهون (Visceral Fat). تُعرف هذه الدهون أيضًا بـ “دهون البطن العميقة” لأنها تُحيط بالأعضاء الحيوية في تجويف البطن، مثل الكبد والأمعاء والبنكرياس.
تُعد الدهون الحشوية أكثر خطورة بكثير من الدهون تحت الجلد لأنها ليست مجرد مخزن للطاقة، بل هي “عضو نشط” يُفرز مواد كيميائية وهرمونات تُسبب الالتهاب المزمن في الجسم. هذا الالتهاب يُعد السبب الجذري للعديد من الأمراض المزمنة.
لماذا تُعتبر الدهون الحشوية خطيرة؟
تُطلق الخلايا الدهنية الحشوية جزيئات تُسمى الأديبوكينات (Adipokines)، والتي تشمل السيتوكينات (Cytokines)، وهي بروتينات تُعزز الالتهاب في الجسم. هذا الالتهاب المستمر يؤثر على العديد من الأنظمة في الجسم:
- مقاومة الإنسولين: تُسبب الالتهابات التي تُطلقها هذه الدهون ضعف استجابة خلايا الجسم للإنسولين، مما يؤدي إلى مقاومة الإنسولين. تُعتبر هذه المقاومة هي الخطوة الأولى نحو الإصابة بالسكري من النوع الثاني.
- أمراض القلب: يُعزز الالتهاب من تصلب الشرايين، مما يزيد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية.
- ارتفاع ضغط الدم: تُؤثر الدهون الحشوية على نظام الأوعية الدموية، مما يُسبب ارتفاعًا في ضغط الدم.
- مشاكل الكبد: تُنتج الدهون الحشوية كميات كبيرة من الأحماض الدهنية التي تنتقل مباشرة إلى الكبد، مما يؤدي إلى تراكم الدهون على الكبد (الكبد الدهني).
علامات وجود الدهون
لا يمكن قياس الدهون الحشوية بالنظر فقط، لكن هناك مؤشران يُمكن أن يُساعدانك:
- محيط الخصر: يُعتبر محيط الخصر مؤشرًا جيدًا. إذا كان محيط خصرك (أعلى عظم الورك) أكثر من 102 سم للرجال و88 سم للنساء، فقد يكون لديك كمية كبيرة من الدهون الحشوية.
- شكل الجسم (شكل التفاحة): الأشخاص الذين تتراكم لديهم الدهون في منطقة البطن (على شكل تفاحة) يكونون أكثر عرضة لتراكم الدهون الحشوية مقارنة بمن تتراكم لديهم الدهون في منطقة الأرداف والفخذين (شكل الكمثرى).
كيف تتجنب تراكم الدهون وتتخلص منها؟
الخبر الجيد هو أن الدهون الحشوية تستجيب بشكل جيد للتغييرات في نمط الحياة. إليك أهم الاستراتيجيات للتخلص منها:
1. النشاط البدني المنتظم: تُعتبر التمارين الرياضية هي المفتاح. تُظهر الدراسات أن التمارين الهوائية (الكارديو) مثل المشي السريع، والجري، والسباحة، وركوب الدراجات، تُعد فعالة بشكل خاص في حرق الدهون الحشوية. استهدف ممارسة 150 دقيقة على الأقل من التمارين المعتدلة أسبوعيًا.
2. النظام الغذائي الصحي:
- قلل من السكريات المضافة والكربوهيدرات المكررة: تُعد السكريات والمشروبات المحلاة والخبز الأبيض والأرز الأبيض من الأسباب الرئيسية لتخزين الدهون الحشوية. استبدلها بالحبوب الكاملة، والخضروات، والفواكه.
- زد من الألياف القابلة للذوبان: تُساعد الألياف القابلة للذوبان (الموجودة في الشوفان، والشعير، والبقوليات، والتفاح) على الشعور بالشبع وتقليل امتصاص الدهون.
- تناول البروتين: البروتين يُساعد على الشعور بالامتلاء، ويُقلل من الرغبة في تناول الطعام، ويُعزز عملية الأيض.
- اختر الدهون الصحية: استبدل الدهون المشبعة والمتحولة بالدهون الصحية الموجودة في زيت الزيتون، والأفوكادو، والمكسرات.
3. النوم الجيد: يُعد النوم الكافي ضروريًا لإنتاج الهرمونات التي تُنظم الشهية. أظهرت الأبحاث أن قلة النوم (أقل من 7 ساعات في الليلة) ترتبط بزيادة تراكم الدهون الحشوية.
4. إدارة التوتر: يُطلق التوتر المزمن هرمون الكورتيزول، الذي يُحفز الجسم على تخزين الدهون في منطقة البطن. حاول ممارسة تقنيات الاسترخاء مثل التأمل، واليوجا، أو قضاء الوقت في الطبيعة للحد من التوتر.
5. تقليل استهلاك الكحول: يُعتبر الكحول مصدرًا للسعرات الحرارية الفارغة، ويُشجع على تخزين الدهون في منطقة البطن. يُمكن أن يُسبب الإفراط في تناول الكحول أيضًا مشاكل في الكبد.
الخلاصة: لا تُعتبر دهون البطن العميقة مجرد مشكلة جمالية، بل هي علامة تحذيرية على وجود خطر صحي كبير. من خلال تبني نمط حياة صحي يجمع بين النشاط البدني المنتظم، والنظام الغذائي المتوازن، والنوم الجيد، وإدارة التوتر، يمكنك ليس فقط التخلص من هذه الدهون، بل والأهم من ذلك، حماية نفسك من مجموعة واسعة من الأمراض المزمنة.