جزيرة بوفليا من ماضٍ مظلم إلى حديقة حضرية لأهالي البندقية
لطالما إرتبطت بعض الأماكن بتاريخ مظلم وأساطير مرعبة، ولكن البعض الآخر يستطيع أن ينهض من رماد الماضي ليتحول إلى قبلة للأمل والإنتماء.
هذا هو حال جزيرة بوفليا الإيطالية، التي تحولت من مقبرة جماعية ومستشفى للأمراض العقلية إلى مشروع طموح يهدف إلى إحياء الجزيرة وتحويلها إلى حديقة حضرية مخصصة لأهالي البندقية.
ماضي الجزيرة المظلم : شبح الطاعون والأمراض العقلية
تقع جزيرة بوفليا قبالة سواحل مدينة البندقية في إيطاليا، وتحمل تاريخًا مليئًا بالمآسي. في القرن الثامن عشر، إستخدمت الجزيرة التي تبلغ مساحتها 18 فدانًا كمحطة حجر صحي خلال تفشي الطاعون.
ولم تقتصر وظيفتها على ذلك فحسب، بل أصبحت مقبرة جماعية حيث يُعتقد أنه تم حرق حوالي 160 ألف ضحية لوقف إنتشار المرض.
كما إستُخدمت الجزيرة لاحقًا كمستشفى للأمراض العقلية، مما أضاف إلى سمعتها المخيفة والغامضة. وبسبب هذا الماضي المظلم والمباني المهجورة المتداعية، ظلت الجزيرة مهجورة منذ التسعينيات، ويُمنع السياح من وضع أقدامهم عليها.
فجر جديد : بوفليا تعود لأهلها
في خطوة جريئة ومهمة، تبدأ جزيرة بوفليا فصلاً جديدًا في تاريخها. ففي أغسطس، تنتقل ملكية إستخدام الجزيرة رسميًا إلى مجموعة من سكان مدينة البندقية، بعد حصولهم على عقد إيجار طويل الأجل مدته 99 عامًا من الدولة الإيطالية.
ووفقًا لصحيفة “ذا صن” البريطانية، يشرع هؤلاء السكان في تنفيذ مشروع طموح يهدف إلى تحويل الجزيرة إلى حديقة حضرية مفتوحة، مخصصة حصريًا لأهالي البندقية.
هذا التحول يعكس رغبة قوية في إستعادة الجزيرة لأهلها وتحويلها إلى مساحة خضراء توفر لهم ملاذًا بعيدًا عن صخب المدينة السياحي.
البندقية : مدينة بين تحديات السياحة وجهود الحفاظ
تعد البندقية واحدة من أهم الوجهات السياحية في العالم، حيث يزورها ما يقرب من 30 مليون شخص سنويًا.
ومع هذا التدفق الهائل من الزوار، تواجه المدينة تحديات كبيرة في الحفاظ على هويتها وتراثها. في محاولة لتقليل الإكتظاظ السياحي، فرضت السلطات رسوم دخول تبلغ 5 يورو، ورغم أنها لم تكن كافية لردع الزوار بشكل كبير، إلا أن المسؤولين يزعمون أنها تساعد في مراقبة تدفق السائحين.
علاوة على ذلك، تم حظر وصول السفن السياحية إلى المدينة في عام 2021، مما أجبرها على الرسو في البر الرئيسي بمارغيرا أو رافينا أو ترييستي.
تأتي هذه الإجراءات في سياق جهود أوسع تبذلها المدينة للحفاظ على جمالها الفريد وتوازنها البيئي، ويأتي مشروع بوفليا الجديد ليحول جزيرة بوفليا من ماضٍ مظلم إلى حديقة ويكمل هذه الجهود من خلال توفير مساحة هادئة وخاصة لسكان المدينة.














