ثورة البروتينات البديلة اللحوم المستزرعة معمليًا تحصل على أول موافقة تسويقية كبرى في أسواق آسيا

المطبخ

استمع الي المقالة
0:00

في تطور يعيد تعريف مستقبل الغذاء والاستدامة، حصلت شركة رائدة في مجال التكنولوجيا الحيوية للأغذية على أول موافقة تسويقية واسعة النطاق في أسواق آسوية كبرى، تحديداً في سنغافورة واليابان، لبيع “اللحوم المستزرعة معمليًا” (Cultivated Meat) أو ما يُعرف باللحوم الخالية من الذبح. هذه الخطوة تمثل نقطة تحول كبرى، حيث تفتح الباب أمام إنتاج وتوزيع هذا النوع من البروتينات البديلة تجاريًا، خارج نطاق مطاعم النخبة والتجارب المحدودة التي كانت مقتصرة عليها سابقًا. اللحوم المستزرعة تُنتج من خلال أخذ عينة صغيرة من الخلايا الحيوانية ثم تغذيتها بمزيج من العناصر الغذائية في بيئة معملية خاضعة للتحكم، مما يسمح لها بالتكاثر والنمو لتكوّن نسيجاً عضلياً مطابقاً للّحم التقليدي، دون الحاجة إلى تربية أو ذبح الحيوانات. الشركة التي حصلت على الموافقة أكدت أن منتجاتها، التي بدأت بإنتاج لحم الدجاج والخنزير، ستقدم للمستهلكين كمنتجات مجمدة أو مبردة، وستكون متاحة بأسعار منافسة للحوم العضوية عالية الجودة. هذا التنافس السعري يُمثل إنجازاً تكنولوجياً ضخماً، حيث كانت التكلفة العالية هي أكبر عائق أمام تسويق هذه اللحوم. التطور الذي سهّل خفض التكلفة يكمن في تطوير أنواع جديدة من “وسط النمو” (Growth Media)، وهو السائل المغذي للخلايا، ليصبح أرخص وأكثر فعالية من التركيبات الصيدلانية المُكلفة التي كانت تُستخدم في المراحل البحثية الأولى. التقرير الذي اعتمدته الهيئات التنظيمية في آسيا أشار إلى أن اللحوم المستزرعة تتمتع بنفس القيمة الغذائية تقريبًا للحوم التقليدية، مع ميزة إضافية وهي خلوها التام من المضادات الحيوية والبكتيريا الضارة المرتبطة عادةً بعمليات الذبح والمعالجة التقليدية. الدافع وراء هذه الثورة ليس اقتصاديًا فحسب، بل بيئيًا وأخلاقيًا أيضًا. خبراء البيئة يشيرون إلى أن إنتاج اللحوم المستزرعة يستخدم مساحة أقل بنسبة 99% ويقلل من انبعاثات الغازات الدفيئة بشكل كبير مقارنة بتربية المواشي. هذا يجعله حلاً مستداماً لضمان الأمن الغذائي العالمي المتزايد. في المقابل، يواجه القطاع تحديات تتعلق بقبول المستهلك، حيث يخشى البعض من طبيعة المنتج “المصنوع معمليًا”، وهو ما دفع الشركات المنتجة لتكثيف حملات التوعية حول “اللحوم النظيفة” (Clean Meat) وطبيعة خلاياها. الموافقة الآسيوية الكبرى تُعطي دفعة قوية للشركات الأوروبية والأمريكية العاملة في هذا المجال. بعد أن كانت الولايات المتحدة سباقة في منح تراخيص محدودة لبعض الشركات، فإن انفتاح الأسواق الآسيوية الضخمة، المعروفة بكثافتها السكانية واستهلاكها العالي للبروتين، سيُسرع من وتيرة الاستثمار والابتكار في هذا القطاع. المحللون يتوقعون أن تشهد السنوات الخمس القادمة دخول هذه اللحوم إلى قوائم الطعام في المطاعم الشهيرة، ثم إلى رفوف محلات السوبر ماركت بشكل طبيعي. تحول المطبخ العالمي نحو هذه البروتينات البديلة لن يغير شكل الأطباق فحسب، بل سيُساهم في حل إحدى أكبر معضلات الكوكب: إطعام عدد متزايد من السكان مع الحفاظ على البيئة.