الصيام المتقطع يفتح أسرار الدماغ والأمعاء ثورة تتجاوز التخسيس
كشفت دراسة علمية حديثة عن نتائج مثيرة قد تغيّر النظرة التقليدية للسمنة وآليات خسارة الوزن فقد تبين أن إتباع نظام غذائي يقوم على تقييد السعرات الحرارية بشكل متقطع أو ما يُعرف بـ “الصيام المتقطع الموسّع” (IER)
لا يقتصر تأثيره على التخسيس بل يمتد ليُحدث تغييرات ديناميكية متزامنة في الدماغ والأمعاء وهما منطقتان حيويتان تتحكمان في الشهية والسلوك الغذائي بحسب موقع “ScienceAlert” العلمي.
فعالية ملحوظة في تقييد السعرات
تتبعت الدراسة التي نُشرت في مجلة Frontiers in Cellular and Infection Microbiology وأجراها باحثون في الصين 25 متطوعًا يعانون السمنة على مدار 62 يومًا التزموا خلالها ببرنامج دقيق لخفض السعرات الحرارية في أيام محددة وخلال هذه الفترة خسر المشاركون 7.6 كيلوغرامات في المتوسط أي ما يقارب 8% من وزنهم الأصلي وهو معدل لافت خلال مدة قصيرة نسبيًا.
تغيرات بيولوجية تتجاوز الميزان
الصيام المتقطع يفتح أسرار فإن الجانب الأهم في هذه الدراسة لم يكن إنخفاض الوزن وحده بل التغييرات البيولوجية التي رافقته فبإستخدام فحوص الرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI)
وأظهرت النتائج نشاطًا متبدلًا في مناطق دماغية تُعرف بدورها في تنظيم الشهية والإدمان والتحكم بالسلوك أبرزها منطقة “الفص الجبهي الحجاجي السفلي” المرتبطة بقوة الإرادة تجاه الطعام والإستجابة للمحفزات الغذائية.
في هذا السياق أوضح الباحث تشيانغ زينغ من المركز الطبي الوطني للأمراض الشيخوخية في الصين أنهم أظهروا أن نظام IER يغيّر محور الدماغ – الأمعاء – الميكروبيوم بشكل واضح ومتزامن حيث تتبدل بكتيريا الأمعاء ونشاط مناطق الدماغ المرتبطة بالسلوك الغذائي بوتيرة ديناميكية خلال فقدان الوزن وبعده.
كشف سر العلاقة بين البكتيريا والدماغ
كما كشفت تحاليل عينات البراز والدم بالإضافة إلى التغيرات الدماغية عن تبدل واضح في تركيبة الميكروبيوم المعوي فقد إرتبطت بعض أنواع البكتيريا مثل Coprococcus comes و Eubacterium hallii بنشاط أقل في أجزاء من الدماغ تتحكم بالتقييم وإتخاذ القرار مما يشير إلى علاقة محتملة بين توازن بكتيريا الأمعاء وقدرة الدماغ على تنظيم الشهية.
وشرحت الباحثة شياونينغ وانغ أن الميكروبيوم المعوي يتواصل مع الدماغ في إتجاهين فهو ينتج نواقل عصبية ومواد تؤثر في الجهاز العصبي بينما يتحكم الدماغ في السلوك الغذائي
وبذلك فإن نوعية الطعام تغيّر فورًا شكل الميكروبيوم وقد يفسر هذا التفاعل المتبادل سبب نجاح بعض الحميات لدى أشخاص وفشلها لدى آخرين إذ يتبين أن فقدان الوزن ليس مجرد معادلة للحريرات الغذائية بل هو منظومة معقدة من الإشارات العصبية والبكتيرية.
آفاق جديدة لمكافحة السمنة
يُعتقد أن فهم هذه التفاعلات قد يساعد في تطوير علاجات غير تقليدية للسمنة مثل استهداف مناطق دماغية محددة أو تعديل البكتيريا المعوية عبر مكملات أو أدوية مخصصة وهذا مهم بشكل خاص مع تجاوز عدد المصابين بالسمنة مليار شخص حول العالم
ومع الإرتباط الوثيق بين السمنة وأمراض خطيرة مثل السكري والسرطان وأمراض القلب.
وأفاد الباحث ليمينغ وانغ من الأكاديمية الصينية للعلوم بأن التحدي المقبل هو تحديد الآليات الدقيقة لهذا التواصل بين الدماغ والميكروبيوم ومعرفة أي المناطق البكتيرية أو الدماغية ضرورية لنجاح فقدان الوزن والحفاظ عليه.
التركيز على المحور المشترك
تفتح هذه النتائج الباب أمام تفسيرات جديدة لسبب صعوبة الحفاظ على الوزن لدى البعض ولماذا تستعيد أجسامهم الوزن المفقود بسرعة كما تشير إلى أن بناء خطة فعالة لخسارة الوزن قد يحتاج إلى التركيز على الدماغ والأمعاء معًا وليس فقط على عدد السعرات الحرارية مما يقدم فهمًا أعمق وأكثر شمولًا لظاهرة السمنة المعقدة.














