استهلاك الفحم عالميًا يسجل أعلى مستوى في التاريخ

أخبار عالمية

استمع الي المقالة
0:00

في تطور مقلق لمسار التحول نحو الطاقة النظيفة، كشف تقرير صادر عن وكالة الطاقة الدولية في أكتوبر 2025 أن الاستهلاك العالمي للفحم سجل أعلى مستوى له على الإطلاق، متجاوزًا الأرقام القياسية السابقة التي سُجلت في عام 2022. التقرير أشار إلى أن الطلب على الفحم ارتفع بنسبة 3.5% خلال العام الجاري، مدفوعًا بزيادة الاستهلاك في آسيا، خاصة في الصين والهند، وسط أزمة طاقة عالمية متجددة.

الوكالة أوضحت أن الصين وحدها تمثل أكثر من 50% من الاستهلاك العالمي للفحم، حيث لجأت إلى تشغيل محطات جديدة تعمل بالفحم لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء، في ظل موجات حر قياسية أثرت على إنتاج الطاقة الكهرومائية. كما أن الهند زادت من اعتمادها على الفحم لتشغيل مصانعها، في وقت تعاني فيه من نقص في إمدادات الغاز الطبيعي.

في المقابل، شهدت أوروبا تراجعًا طفيفًا في استهلاك الفحم، نتيجة السياسات البيئية الصارمة، وزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة. ومع ذلك، فإن بعض الدول الأوروبية أعادت تشغيل محطات فحم قديمة بشكل مؤقت، لمواجهة ارتفاع أسعار الغاز، خاصة بعد التوترات الجيوسياسية في شرق أوروبا.

الخبراء البيئيون حذروا من أن هذا الاتجاه يُهدد أهداف اتفاقية باريس للمناخ، التي تسعى إلى تقليل الانبعاثات الكربونية والحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى أقل من 1.5 درجة مئوية. ووفقًا للتقرير، فإن الانبعاثات الناتجة عن الفحم وحده تمثل أكثر من 40% من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون عالميًا.

من جانبه، قال فاتح بيرول، المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية: “رغم التقدم في تقنيات الطاقة النظيفة، فإن العالم لا يزال يعتمد بشكل مفرط على الفحم، وهو ما يُشكل خطرًا مباشرًا على جهود مكافحة التغير المناخي.”

الوكالة دعت الحكومات إلى تسريع الاستثمارات في الطاقة المتجددة، وتقديم حوافز مالية لتقليل الاعتماد على الفحم، خاصة في الدول النامية. كما أوصت بتطوير تقنيات احتجاز الكربون، وتحسين كفاءة الطاقة في القطاعات الصناعية.

في الشرق الأوسط، أبدت دول مثل الإمارات والسعودية التزامها بخفض الانبعاثات، لكنها أكدت أن التحول الكامل للطاقة النظيفة يتطلب وقتًا واستثمارات ضخمة. مصر من جهتها، أعلنت عن خطط لتوسيع مشروعات الطاقة الشمسية والرياح، لكنها لا تزال تعتمد جزئيًا على الفحم في بعض الصناعات الثقيلة.

الناشطون البيئيون وصفوا الأرقام الجديدة بأنها “ناقوس خطر”، وطالبوا بعقد قمة مناخ طارئة قبل نهاية العام، لمراجعة الالتزامات الدولية، وتقديم جدول زمني واضح للتخلص التدريجي من الفحم.

في النهاية، ارتفاع استهلاك الفحم في 2025 يُعد انتكاسة في مسار التحول الأخضر، ويؤكد أن الطريق نحو مستقبل مستدام لا يزال مليئًا بالتحديات، ويتطلب إرادة سياسية، وتمويلًا عادلًا، وتعاونًا دوليًا حقيقيًا.