تشهد شركة أمازون واحدة من أكبر الموجات التوسعية في قطاع التكنولوجيا المالية خلال عام 2025، بعدما بدأت الشركة بشكل واضح إدخال خدمات الإقراض الرقمي وبطاقات الدفع والتمويل الاستهلاكي إلى منظومتها التجارية في أسواق مختلفة. هذه الخطوة تُعتبر مرحلة جديدة في مسار أمازون، التي تحولت من مجرد منصة للتجارة الإلكترونية إلى منظومة اقتصادية ضخمة تُنافس البنوك وشركات الدفع التقليدية.
توسُّع أمازون في الخدمات المالية بدأ عبر ثلاث مسارات رئيسية: الاستحواذات، الشراكات البنكية، وتعزيز خدمات Amazon Pay.
فقد أكدت الشركة خلال الربع الأخير من 2025 استمرارها في إتمام استحواذات على شركات إقراض رقمي في أسواق آسيا، خاصة الهند، التي تُعد واحدة من أسرع أسواق التكنولوجيا المالية نموًا. هذا الاستحواذ سمح لأمازون بتقديم قروض قصيرة الأجل للبائعين على منصتها، إضافة إلى تمويل مشتريات المستهلكين، الأمر الذي يعزز حركة البيع ويرفع من حجم التداول على المنصة.
أما المسار الثاني فهو الشراكات البنكية. فأمازون لا تسعى للدخول ككيان مصرفي تقليدي في كل دولة، ولكنها تعمل مع بنوك محلية لإطلاق بطاقات ائتمانية تحمل علامتها التجارية، وتوفير برامج نقاط مرتبطة بخدمة Prime. وفي الشرق الأوسط، تعمل الشركة على تطوير شراكات جديدة مع بنوك إقليمية لإطلاق منتجات تمويلية تتيح للمستخدم الشراء بالتقسيط مباشرة من خلال التطبيق دون الحاجة لخطوات خارجية.
أما المسار الثالث فيتمثل في تعزيز خدمات Amazon Pay وإضافة أدوات دفع جديدة، مع تحسين مستوى الأمان وتبسيط عمليات التحويل والدفع داخل التطبيقات. فالمنصّة أصبحت توفر حلول دفع للشركات الصغيرة، وتحويلات شبه فورية، بالإضافة إلى منتجات دفع مخصّصة للأسواق الناشئة.
هذه الخطوات تُظهر أن أمازون تستهدف خلق “نظام مالي داخلي” يساعد البائع والمشتري داخل المنصة نفسها، ويقلل الاعتماد على البنوك في كثير من العمليات. ومع استخدام الشركة للذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات المالية وسلوك الشراء، أصبحت قادرة على إنشاء نماذج ائتمان دقيقة تسمح بتقليل المخاطر وزيادة سرعة الموافقات على القروض والتمويل.
من جانب آخر، تثير هذه التوسعات مخاوف لدى الجهات التنظيمية، خصوصًا في الولايات المتحدة والهند وأوروبا، والتي ترى أن دخول عمالقة التكنولوجيا في قطاع التمويل قد يؤدي إلى تركّز كبير في البيانات، بما قد يؤثر على المنافسة ويزيد من حساسية معلومات المستهلكين. لكن أمازون أكدت أنها تعمل وفق قواعد حماية البيانات في كل سوق، وأنها ستُطبّق مستويات أمان مطابقة للمعايير البنكية.
يتوقع المحللون أن يصبح عام 2026 نقطة مهمة في توسع خدمات التمويل الرقمي لدى أمازون، حيث ستسعى لربط خدمات الدفع بالذكاء الاصطناعي بطريقة تجعل تجربة الشراء والادخار والتمويل جزءًا متكاملًا من المنصّة. هذا التطور قد يشكّل تهديدًا مباشرًا للبنوك التقليدية التي تأخرت في مواكبة التحول الرقمي.
كما يعتقد خبراء الاقتصاد أن توسّع أمازون المالي سيؤثر على الأسواق العربية، خصوصًا مع زيادة اعتماد الشباب على المدفوعات الرقمية والمحافظ الإلكترونية. ومن المتوقع أن يشهد الشرق الأوسط طفرة في الشراكات بين شركات التكنولوجيا المالية والمنصات الكبرى مثل أمازون خلال الفترة المقبلة.
في النهاية، تشير التحركات الحالية إلى أن أمازون لا تتجه نحو إنشاء بنك تقليدي، لكنها تخلق نموذجًا موازيًا يعتمد على البيانات والتكامل الذكي، وقد يصبح هذا النموذج مستقبل الخدمات المالية الرقمية خلال السنوات القادمة.














