5 عادات يومية تُسبب الانتفاخ وتُفسد هضمك بصمت

الصحة والجمال

استمع الي المقالة
0:00

ما وراء الغازات: 5 عادات يومية تُسبب الانتفاخ وتُفسد هضمك بصمت

 

الشعور بالانتفاخ، ذلك الإحساس المزعج بالامتلاء والضغط في البطن، هو تجربة شائعة جدًا، وغالبًا ما تُربط بشكل مُباشر بتناول أطعمة مُعينة أو حساسية تجاهها. ولكن، هل فكرت يومًا أن السبب الحقيقي وراء هذا الانتفاخ المُتكرر قد لا يكمن فقط في ما تأكله، بل في كيف تأكل وتتصرف خلال يومك؟ تُؤدي العديد من العادات اليومية، التي قد تبدو بريئة للوهلة الأولى، دورًا خفيًا في تعطيل عملية الهضم الطبيعية، مما يُؤدي إلى تراكم الغازات والسوائل، وبالتالي الشعور المُزعج بالانتفاخ. هذه العادات تُفسد نظامك الهضمي بصمت، دون أن تُدرك أنها المُتسبب الرئيسي في انزعاجك.

دعنا نُسلط الضوء على 5 عادات يومية شائعة تُؤثر سلبًا على هضمك وتُفضي إلى الانتفاخ، وكيف يُمكنك تغييرها لتحظى براحة أفضل.


 

1. الأكل بسرعة وبلع الهواء: كارثة هضمية صامتة

 

في عالمنا السريع، أصبح تناول الطعام بسرعة عادة شائعة، لكنها تُعد من أكبر مُسببات الانتفاخ.

  • لماذا تُفسد الهضم؟ عندما تأكل بسرعة، فإنك لا تُعطي جسمك وقتًا كافيًا لمضغ الطعام جيدًا وخلطه بالإنزيمات الهاضمة في الفم. هذا يُضعف عملية الهضم الأولية. والأهم من ذلك، أن تناول الطعام والشراب بسرعة فائقة يُؤدي إلى بلع كميات كبيرة من الهواء (Aerophagia)، وهذا الهواء المحبوس في الجهاز الهضمي هو السبب المباشر للشعور بالانتفاخ والغازات.
  • التفاصيل: يُمكن أن يُؤدي ذلك إلى الشعور بالامتلاء السريع وغير المُريح، التجشؤ المُتكرر، وألم في البطن بسبب الغازات المحتجزة.
  • الحل: خصص وقتًا كافيًا لوجباتك. اجلس في مكان هادئ، ركز على الطعام، وامضغ كل لقمة ببطء وتأنٍ. ضع الشوكة أو الملعقة جانبًا بين اللقمات لتُشجع على الأكل ببطء.

 

2. شرب السوائل بكثرة مع الوجبات: تُخفف العصارات الهضمية

 

بينما الترطيب ضروري، فإن توقيت شرب السوائل له تأثير كبير على كفاءة الهضم.

  • لماذا تُفسد الهضم؟ تناول كميات كبيرة من السوائل (خاصة الماء البارد أو المشروبات الغازية) أثناء الوجبات يُمكن أن يُخفف من تركيز العصارات الهضمية والإنزيمات في المعدة (مثل حمض الهيدروكلوريك والبيبسين). هذه العصارات ضرورية لتكسير الطعام بشكل فعال. عندما تُخفف، تُصبح عملية الهضم أبطأ وأقل كفاءة، مما يُؤدي إلى بقاء الطعام في المعدة لفترة أطول وتخميره، وينتج عنه الغازات والانتفاخ.
  • التفاصيل: قد يُلاحظ ذلك بشكل خاص بعد تناول وجبات غنية بالبروتين أو الدهون، التي تتطلب حمض معدة قويًا لهضمها.
  • الحل: اشرب معظم السوائل بين الوجبات (قبل الوجبة بساعة أو بعدها بساعة). إذا كنت تشعر بالعطش أثناء الوجبة، تناول رشفات صغيرة فقط من الماء الفاتر أو الشاي العشبي.

 

3. مضغ العلكة أو مص الحلوى الصلبة بشكل مُتكرر: زيادة بلع الهواء

 

هذه العادات، التي تُمارس غالبًا لتنشيط النفس أو للتسلية، تُعد مُساهمًا رئيسيًا في بلع الهواء.

  • لماذا تُفسد الهضم؟ كلما مضغت العلكة أو امتصصت حلوى صلبة، فإنك تفتح وتُغلق فمك بشكل مُتكرر، مما يُؤدي إلى ابتلاع كميات كبيرة من الهواء الذي يتجمع في الجهاز الهضمي ويُسبب الانتفاخ. بالإضافة إلى ذلك، تحتوي بعض أنواع العلكة والحلوى على مُحليات صناعية مثل السوربيتول والمُالتيتول، والتي يصعب على الجهاز الهضمي هضمها، وتُعرف بأنها تُسبب الغازات والانتفاخ لدى العديد من الأشخاص.
  • التفاصيل: يُمكن أن تشعر بالانتفاخ حتى لو لم تكن قد تناولت أي شيء آخر.
  • الحل: قلل من مضغ العلكة ومص الحلوى الصلبة. إذا كنت بحاجة إلى إنعاش النفس، جرب استخدام بخاخات النعناع أو مضغ أوراق النعناع الطازجة.

 

4. الإجهاد والتوتر المُزمن: هضم مُعطل

 

الجهاز الهضمي يُعرف بـ”الدماغ الثاني” للجسم، ويتأثر بشكل كبير بحالتنا العقلية.

  • لماذا تُفسد الهضم؟ الإجهاد والتوتر المُزمن يُفعلان ما يُسمى بـ”استجابة القتال أو الهروب” في الجسم، والتي تُركز الطاقة على البقاء على قيد الحياة وتُحولها بعيدًا عن الوظائف “غير الضرورية” مثل الهضم. هذا يُمكن أن يُبطئ حركة الأمعاء، يُقلل من إفراز الإنزيمات الهاضمة، ويُغير من تكوين البكتيريا النافعة في الأمعاء. كما يُمكن أن يُزيد التوتر من حساسية الأمعاء للغازات والألم، مما يُؤدي إلى الشعور بالانتفاخ حتى مع كميات طبيعية من الغازات.
  • التفاصيل: قد تُلاحظ أن الانتفاخ يزداد سوءًا في فترات الضغط العصبي، حتى لو لم تُغير نظامك الغذائي.
  • الحل: مارس تقنيات إدارة التوتر مثل التأمل، اليوجا، تمارين التنفس العميق، أو قضاء الوقت في الطبيعة. الحصول على قسط كافٍ من النوم والنشاط البدني المُنتظم يُساعدان أيضًا في تقليل التوتر.

 

5. عدم الحركة وقلة النشاط البدني: أمعاء كسولة

 

الجسم مصمم للحركة، والأمعاء ليست استثناءً.

  • لماذا تُفسد الهضم؟ قلة النشاط البدني تُبطئ حركة الأمعاء (التمعج – Peristalsis)، مما يُؤدي إلى تباطؤ في مرور الطعام عبر الجهاز الهضمي. هذا يُعطي البكتيريا الموجودة في الأمعاء وقتًا أطول لتخمير الطعام، مما يُنتج المزيد من الغازات ويُسبب الانتفاخ والإمساك. الجلوس لفترات طويلة يُمكن أن يُقلل أيضًا من قدرة الجهاز الهضمي على العمل بكفاءة.
  • التفاصيل: يُمكن أن يُؤدي نمط الحياة الخامل إلى شعور مُستمر بالثقل والامتلاء.
  • الحل: اجعل الحركة جزءًا لا يتجزأ من يومك. لا يجب أن يكون ذلك تمرينًا شاقًا؛ المشي لمُدة 30 دقيقة يوميًا، أو حتى القيام بتمارين خفيفة مثل المشي بعد الوجبات، يُمكن أن يُحسن بشكل كبير من حركة الأمعاء ويُقلل الانتفاخ.

 

الخلاصة: هضمك يبدأ بعاداتك

 

الشعور بالانتفاخ قد يكون مُزعجًا، لكنه غالبًا ما يكون رسالة من جسمك تُطالبك بتغيير عاداتك اليومية. من خلال إيلاء الاهتمام لكيفية تناول الطعام، والتحكم في مستويات التوتر، وزيادة النشاط البدني، يُمكنك استعادة التوازن في جهازك الهضمي والتخلص من الانتفاخ بصمت. تذكر، الهضم الصحي ليس مُجرد مسألة طعام، بل هو انعكاس لنمط حياتك اليومي. امنح جهازك الهضمي الرعاية التي يستحقها، واستمتع بالراحة والصحة.