اللغز الجندري للورم الليمفاوي: لماذا يرتفع مُعدل الإصابة لدى الرجال؟.. دور الهرمونات والتعرض البيئي المُضاعف
يُعد الورم الليمفاوي، الذي ينقسم أساساً إلى ليمفوما هودجكين (HL) وليمفوما اللاهودجكين (NHL)، من الأورام الخبيثة التي تنشأ في الخلايا الليمفاوية بالجهاز المناعي. على الرغم من أن المرض يُصيب كلا الجنسين، إلا أن الإحصائيات العالمية تُشير بوضوح إلى أن الرجال أكثر عرضة للإصابة بليمفوما اللاهودجكين بمُعدل يُقارب 1.5 مرة عن النساء. يكمن سبب هذا التباين في مزيج مُعقد من العوامل البيولوجية والسلوكية.
1. الفروقات البيولوجية والهرمونية: الحماية المُرتقبة
يُعتقد أن الفروقات البيولوجية والجينية تلعب دوراً أساسياً في هذا التباين:
- حماية الإستروجين (Estrogen): تُشير بعض الأبحاث إلى أن الهرمونات الأنثوية، وخاصة الإستروجين (Estrogen)، قد تُوفر تأثيراً وقائياً ضد تطور الأورام الليمفاوية. يُمكن للإستروجين أن يُعدل الاستجابة المناعية أو يُبطئ نمو الخلايا السرطانية الليمفاوية.
- دور الكروموسوم X والجهاز المناعي: تمتلك النساء نسختين من الكروموسوم X، مما يُؤثر على وظيفة الجهاز المناعي. تُظهر النساء عموماً استجابة مناعية مُتكيفة أقوى، والتي قد تكون أكثر فعالية في تحديد الخلايا الليمفاوية المُتحولة وتدميرها قبل أن تتطور إلى ورم.
- فقدان الكروموسوم Y: تُشير دراسات إلى أن فقدان جزء من الكروموسوم Y في خلايا الدم لدى الرجال المُسنين قد يكون مرتبطاً بزيادة خطر الإصابة بأورام الدم، بما في ذلك الليمفوما، مع التقدم في السن.
2. التعرض البيئي والمهني: مخاطر مُضاعفة
على الجانب الآخر، تزيد العوامل الخارجية ونمط الحياة من احتمال إصابة الرجال:
- التعرض المهني للمواد الكيميائية: تاريخياً، كان الرجال أكثر عُرضة للانخراط في وظائف تتطلب التعرض المُباشر للمُذيبات الصناعية، ومُبيدات الآفات (Pesticides)، ومركبات البنزين (Benzene). تُعد هذه المواد مُسرطنة مُحتملة وتزيد من خطر الإصابة بليمفوما اللاهودجكين.
- عادات نمط الحياة: قد تلعب العادات المرتبطة بنمط الحياة (مثل ارتفاع مُعدلات التدخين وتعاطي الكحول سابقاً لدى الرجال مُقارنة بالنساء في بعض الأجيال) دوراً في زيادة خطر الإصابة بالمرض.
3. الانعكاسات على التشخيص والمآل
لا يقتصر التباين على مُعدل الإصابة. تُشير بعض الأبحاث إلى أن الرجال قد يتم تشخيصهم بنوع فرعي من الليمفوما أكثر عدوانية، أو قد يكون مآلهم (Prognosis) أسوأ قليلاً في بعض الحالات، مما يُؤكد ضرورة فهم هذه الفروق الجندرية لتصميم استراتيجيات علاج أكثر فعالية ومُخصصة.
خاتمة
يُشكل ارتفاع مُعدل الإصابة بالورم الليمفاوي لدى الرجال لغزاً بيولوجياً يحتاج إلى المزيد من البحث. وحتى ذلك الحين، يُعد الوعي بعوامل الخطر البيئية والمُبادرة بالفحص عند ظهور الأعراض أمراً حاسماً للرجال.













