الكبد وعصر السكر: كيف يُحوّل الإفراط في المشروبات الغازية الفركتوز مُباشرة إلى دهون قاتلة (NAFLD)؟
عادةً ما نربط أضرار المشروبات الغازية بالسمنة أو تلف الأسنان، لكن الأبحاث الحديثة تُطلق إنذاراً حول عضو حيوي يعمل في صمت: الكبد. أظهرت دراسات مُتزايدة أن الاستهلاك اليومي والمُفرط للمشروبات الغازية السكرية يُعد مُحركاً قوياً وراء الإصابة بمرض الكبد الدهني غير الكحولي (NAFLD)، الذي يُهدد ملايين الأشخاص حول العالم. الخطر يكمن في مادة سكرية واحدة تحديداً: الفركتوز.
1. إرهاق الفركتوز: مصنع الدهون في الكبد
تُعد المشروبات الغازية، خاصة تلك التي تحتوي على شراب الذرة عالي الفركتوز (HFCS)، مُشكلة مُضاعفة للكبد بسبب الطريقة التي يتم بها استقلاب الفركتوز:
- استقلاب حصري في الكبد: على عكس الجلوكوز، الذي يمكن استقلابه واستخدامه للطاقة في كل خلية بالجسم، يتم التعامل مع كميات كبيرة من الفركتوز بشكل شبه حصري في الكبد. هذا يعني أن كل رشفة من مشروب غازي تُرسل دُفعة قوية ومُركّزة من الفركتوز إلى الكبد ليقوم بمعالجتها.
- التحول المُباشر إلى دهون: عندما يجد الكبد نفسه مُثقلاً بالفركتوز الزائد الذي لا يحتاجه الجسم للطاقة فوراً، يقوم بتحويله مُباشرة إلى دهون ثلاثية (Triglycerides) في عملية تُعرف بـ تكوين الدهون الجديدة (De Novo Lipogenesis).
- تراكم الدهون: مع الاستهلاك المُزمن للمشروبات الغازية، تتراكم هذه الدهون الثلاثية في خلايا الكبد، مما يُؤدي إلى تطور الكبد الدهني غير الكحولي (NAFLD). NAFLD حالة خطيرة قد تتفاقم إلى التهاب الكبد الدهني (NASH)، وفي نهاية المطاف، إلى تليف الكبد (Cirrhosis) والفشل الكبدي.
2. العواقب الأيضية واسعة النطاق
تجاوز الضرر الحد الموضعي في الكبد ليمتد إلى آليات الجسم الأيضية الأساسية:
- مقاومة الأنسولين: يؤدي تراكم الدهون في الكبد إلى إحداث فوضى في الاستجابة لهرمون الأنسولين. وعندما تُصبح الخلايا مُقاومة للأنسولين، تزيد مستويات السكر في الدم، مما يُشكل عبئاً أكبر على الأوعية الدموية والكلى، ويُسرّع من تلف الكبد.
- الإجهاد التأكسدي: تُسبب عملية معالجة الكميات الهائلة من السكر إجهاداً تأكسدياً في خلايا الكبد، مما يُزيد من الالتهاب ويُسرّع من تندّب الأنسجة.
لذلك، يُعد التخلص من المشروبات الغازية السكرية خطوة وقائية أساسية لحماية الكبد والمحافظة على سلامة التمثيل الغذائي في الجسم.














