الفصل بين الحمض النووي والخطر: دراسة تُؤكد أن بقايا فيروس الإنفلونزا المُكتشفة في الحليب المُبستر لا تُسبب العدوى
في ظل حالة القلق التي أثارها اكتشاف فيروس إنفلونزا الطيور (H5N1) في عينات من حليب الأبقار في بعض المزارع، جاءت الدراسات العلمية لترسم خطاً فاصلاً ومُهماً: وجود الحمض النووي (RNA) للفيروس لا يعني وجود خطر العدوى. تُؤكد دراسة حديثة أن الحرارة المُستخدمة في عملية البسترة تُعطل الفيروس بشكل فعّال، مما يجعل الحليب آمناً تماماً للاستهلاك الآدمي.
1. البسترة: الحاجز القاتل لقابلية العدوى
تُعد عملية البسترة (Pasteurization) هي حجر الزاوية في سلامة الحليب. وتعتمد هذه العملية على تسخين الحليب إلى درجة حرارة عالية لفترة قصيرة ومُحددة.
- آلية التعطيل (Inactivation): فيروس الإنفلونزا هو فيروس مُغلف (Enveloped Virus)، ويعني ذلك أن هيكله الخارجي هش وحساس للحرارة. تُدمر درجات الحرارة العالية لعملية البسترة الغلاف الخارجي للفيروس وتُغير من شكل بروتيناته، مما يجعله غير قادر على الارتباط بالخلايا البشرية أو التكاثر داخلها.
- بقايا الحمض النووي: عند تحليل الحليب المُبستر بتقنيات حساسة مثل PCR (تفاعل البوليميراز المُتسلسل)، قد يجد العلماء بقايا الحمض النووي الريبوزي (RNA) للفيروس. هذا الحمض النووي هو مجرد “جثة” جينية؛ أي أنها أجزاء من الفيروس الميت أو المُعطَّل الذي لا يمتلك القدرة على التسبب في عدوى.
2. الفرق بين الكشف عن الفيروس والكشف عن الخطر
الخلاصة العلمية الواضحة هي التمييز بين مفهومين:
- الكشف عن المادة الجينية: يُؤكد وجود الفيروس في الأصل داخل الحليب، وهي معلومات مُهمة للمراقبة الوبائية، لكنها لا تُشير إلى خطر على المُستهلك.
- قابلية العدوى (Viability): وهي قدرة الفيروس على البقاء حياً وإصابة الخلايا والتكاثر. عملية البسترة تُزيل تماماً قابلية العدوى.
خاتمة
تُقدم هذه الدراسة دليلاً علمياً قوياً على فعالية البسترة كخط دفاع نهائي ضد الفيروسات والبكتيريا، بما في ذلك سلالات الإنفلونزا المُعدية مثل H5N1. طالما أن الحليب مُبستر ومُخزن بشكل صحيح، فإن خطر الإصابة بالعدوى عن طريق الاستهلاك يُعتبر مُنعدماً.














