تامر حسني.. ليته يعطي العيش لخبازه
تامر حسني بالنسبة لي شخصية محيرة، لديه قناعة أنه يمتلك العديد من القدرات الخاصة، التي لا تحتاج سوى أن يطلق لها العنان، فتعبر عن نفسها بنفسها ولصالح نفسها، لا يعترف أن كل مهنة في الدنيا تحتاج إلى دراسة وتفكير وتدبير قبل الإقدام عليها، تامر ليس بحاجة إلى كل ذلك، يكفي أنه يريد أن يفعل فيفعل، أنه ليس فقط استثناء، ولكنه يرى نفسه، في منطقة بعيدة تماما عن المقارنة بالآخرين، استثناء الاستثناء، يجب أن أعترف لكم بأنني في البداية تشككت في الإيرادات الخارجية لفيلم (بحبك)، التي أعلنها تامر عبر العديد من المواقع الإخبارية، إلا أنني بعد ذلك تواصلت مع شركتي التوزيع والإنتاج وتأكدت أن الرقم حقيقي.
وتحليلي أن اسم تامر حسنى جاذب للشباك، ولهذا تمكّن من حصد رقم استثنائي، إلا أن هذا لا ينفي أبدا أن الفيلم الذي كتبه وأخرجه تامر حسني، لو استعان بكاتب ومخرج متخصص لاستطاع تحقيق نجاح أكبر، وضمن أن يعيش أكثر في تاريخ السينما المصرية.
الله مقسم الأرزاق، يمنح كل إنسان شيئاً ما، مؤكد ليس كل شيء، من المهم أن يحرص كل منا على ما لديه من أسلحة، وألا يطيل النظر على طريقة (قاسم السماوي) عما لدى الآخرين، تامر مثلا أكثر مطربي الألفية الثالثة نجاحا وبالأرقام، قرر وله كل الحق أن تُصبح السينما محطة أساسية على خريطة مشروعه الفني، وهكذا في السنوات العشر الأخيرة لا يخلو الموسم من فيلم يلعب بطولته، صار ورقة رابحة عند مكاتب المنتجين، محققا في البيع الخارجي الرقم الأكبر، حتى لو لم يحتل المكانة الأولي رقمياً في مصر، وكما هو واضح في فيلم مثل (بحبك) احتل المركز الثاني في مصر، تفوق عليه فيلم ( كيره والجن)، إلا أنه سبق بالأرقام فيلم (عمهم).
قناعات تامر دائماً تدفعه أن يشعر أنه متجاوز القدرات العادية، فهو صاحب اللمسة السحرية في كل شيء (يفوت ع الصحرا تخضر، تحطه ع البامية تحمر)، الواقع يؤكد تفوقه سينمائياً على أقرانه مطربي هذا الجيل، إلا أنه لا يكتفي بهذا القدر، هو الوحيد بين معاصريه من المطربين، سيترك مع الزمن رصيداً سينمائياً، رغم أنه بين الحين والآخر يبدد هذا الرصيد بإصراره على أن يكتب ويخرج أفلامه، لديه قناعة أن أي عمل فني حتي يتم إنجازه لا يستتبع بالضرورة معرفة وإلمام بكل التفاصيل، ولكن فقط مجرد شيء من الجرأة، تكتشف بعدها أن الدنيا صارت تحت السيطرة، ولهذا لا يجهد نفسه كثيرا، يترك لحدسه أن يفعل به ما يشاء.
في فيلمه قبل الأخير (مش أنا) الذي أنتجه وكتبه، اكتشف أن بعض جمل الحوار التي أدتها سوسن بدر لأسباب تقنية في حاجة لإعادة تسجيل، ولم تكن سوسن في ذلك التوقيت متواجدة بمصر، فسجل هو الحوار بصوته بدلا منها، يوما تأخر المطرب بهاء سلطان عن تسجيل (دويتو) يتشاركان في غنائه، فانتحل نبرات صوت بهاء وسجله هو ولم يشعر الجمهور بالفارق.
من الواضح أن المعادلة الاقتصادية تشهد لصالح تامر وأفلامه تدر أرباحاً، إلا أنها مع الزمن معرضة لكي تتبخر من الذاكرة. أتمني أن يدرك تامر أن الشريط السينمائي الذي يبقى مع الزمن هو الذي نلمح في عمقه الكاتب والمخرج، بينما هو مؤهل للغناء والتمثيل، ليته يعطي العيش لخبازه، ليته.