العمل في سن المراهقة سلاح ذو حدين

لايت نيوز

0:00

العمل في سن المراهقة سلاح ذو حدين

بقلم الكاتبة الروائية سها العسكري

مع أم ضد العمل في سن مبكرة؟!

إن تكوين الشخصية يختلف تمامًا بين من بدأ العمل في سن مبكرة منذ المراهقة، أو من بدأ في سن أكبر، فالعمل المبكر يساعد في تكوين شخصية مسئولة وقادرة على تحمل مصاعب الحياة ومواجهة ظروف العمل القاسية بالمستقبل، وأيضًا تعطيه خبرة كبيرة في تكوين العلاقات الاجتماعية.

مفهوم العمل في سن مبكرة لا يعني بالتأكيد عمالة الأطفال وإجبارهم على ترك المدرسة، بل يعني تشجيع المراهق على العمل في أوقات الفراغ، التي لا تعيق المهام والواجبات الدراسية.

ولكن عزيزتي الأم يجب الوضع في الاعتبار أن بطبيعة الحال يختلف الأمر من مراهق لآخر، حسب شخصيته ومواهبه الفردية واستعداده للعمل والبيئة الاجتماعية وظروف المعيشة.

ويتلخص دور الأم كموجه ومرشد لإيجاد الشكل الملائم لعمل المراهق، فالمراهق الذي يعاني في التجمعات من القلق والرهاب، لا يصلح للعمل في الأماكن المزدحمة، كالأندية والمطاعم والمجمعات التجارية.

كما هو الحال أيضًا في المواهب الفردية، فإذا لاحظت الأم تفوق طفلها في الأعمال الميكانيكية، فيجب عليها تشجيعه لتنمية هذه الموهبة الفردية، وبالتالي تسعى لصقل تلك الموهبة عبر العمل المناسب لها.

لماذا عمل المراهق سلاح ذو حدين؟

يمكن أن نواجه أخطارًا محتملة نتيجة العمل في سن مبكرة مع قلة الخبرة بالحياة، كتأثير العمل على تفوقه الدراسي أو تعرفه على صحبة سيئة أو إدمانه للكحول والمخدرات.

لذا من الواجب النظر إلى ما قد يضيفه العمل في شخصية المراهق، كالاعتماد على نفسه وتعزيز الثقة بالنفس والاختلاط بالمجتمع وتنمية قدراته من خلال هذا العمل، كما أنه سيدرك قيمة المال الذي سيحصل عليه بجهده وتأهيله مهنيًا، ليكون ذا خبرة كبيرة بمجال العمل.

كل هذا عزيزتي الأم يجعلك تنظرين لمكاسب عمل ابنك المراهق بعين الثقة، ومحاولة تفادي الأخطار المحتملة.
ومن هنا سوف نناقش سويًا إيجابيات وسلبيات العمل في سن مبكرة.

سلبيات عمل المراهقين

قبل مناقشة السلبيات، يجب وضع هذه النصيحة في الاعتبار «السلامه تأتي قبل أي شيء آخر»، فلا يوجد شيء مثالي في هذه الحياة، لهذا يجب التركيز على بعض الأمور قبل الدفع بالمراهق إلى مجال تجربة العمل.

ضيق وقت الدراسة

يصبح وقت المراهق منقسمًا بين المدرسة في الصباح، والعمل في آخر اليوم، ليعود لبيته مرهقًا ولا يجد وقتًا كافيًا للدراسة بعد العمل، فكلما زادت ساعات العمل قل التحصيل الدراسي، وبالتالي تنخفض درجاته الدراسية.

فقدانه جوانب حياتية عديدة

قد يفقد المراهق الفرص التي تجمعه بأصحابه، مثل النشاطات الرياضية والحفلات والرحلات المدرسية، وذلك لارتباطه بعمل يُحتم عليه الحضور والانصراف في مواعيد محددة.

تكوين انطباع سيئ عن العمل

ولأن المراهق ما زال صغيرًا في السن، حيث إن تلك التجربة هي أول تجربة له في المجال العملي والوظيفي، فهذا يجعله عرضة لتكوين انطباعات سيئة عن العمل، خاصة إذا كان رؤساء وزملاء العمل متنمرين، وهنا يشعر بعدم قدرته على التصرف مع شخصيات وأنماط مختلفة من الناس حوله.

مميزات عمل المراهق

عزيزتي الأم، من المهم أن تقومي بغرس بذور الذكاء الاجتماعي ورحابة الصدر في نفس طفلك، حتى يستطيع تجاوز الصعوبات والتركيز في العمل، محققًا نتائج مرضية.

شغل وقت الفراغ

يقدم العمل حلًا جذريًا لأهم مشكلات المراهقين، وهي وقت الفراغ، فبعد أن يرتبط المراهق بوظيفة، يصبح ملتزمًا بمواعيد محددة، وبذلك تقل فُرص أخطار ارتباطه الدائم بالصحبة السيئة وتجنب تضييع الوقت في السهرات والألعاب غير المُفيدة.

التعامل بحرص مع النقود

بمجرد أن يحصل المراهق على نقود مقابل العمل الذي قام به، سوف ينتبه لقيمة النقود ويدرك أنه اكتسبها نتيجة جهد وتعب شاق، فيقوي لديه الحرص على المال، ويقل تبذيره على الأشياء غير الهادفة.

تحضير لوظيفة مستقبلية

ما أن يضع المراهق قدمه في سوق العمل، حتى تبدأ خبرته في التراكم، لذلك من المهم جدًا أن يكون عمل المراهق مرتبطًا بشيء يرتاح له ويحبه ويظهر موهبته من خلاله، حتى يكون هذا النوع من العمل معينًا له للالتحاق بوظيفة مستقبلية ثابتة.

ما هي أفضل الأعمال للمراهقين؟

أفكار الأعمال للمراهقين تعتمد على الكفاءة الشخصية، فقد تكون هناك فكرة مناسبة لشخص ما وغير مناسبة لآخر.

خدمات محلية

ليس هناك عيب في البدء بأحد الأعمال التقليدية، مثل: مجالسة الأطفال، تمشية الكلاب، الدروس الخصوصية، العمل في الحديقة، وتنظيم حفلات الأطفال.

منتجات مصنوعة يدويًا

وهذه النوعية من الأعمال تناسب المراهقين، الذين يتمتعون بالإبداع والموهبة الكافية لعمل المصنوعات اليدوية ثم بيعها عبر الإنترنت، حيث هناك مواقع للتسوق الإلكتروني يمكن بيع المنتجات عليها، مثل موقع Etsy، ومن ضمن هذه النوعية من المنتجات: التيشيرتات، حقائب اليد، الأعمال الخشبية، صناعة الفخار، والديكورات المنزلية.

الخدمات الرقمية

نشأ الجيل الحالي في بيئة رقمية، فهناك العديد من الفرص الرقمية التي يمكن للمراهقين استغلالها ضمن الأعمال، وأيضًا تحقيق أرباح ودخل من خلالها مثل:

الدعم الافتراضي، تصميم الجرافيك، مونتاج الفيديو، الصوت، وتصميم وبرمجة المواقع.

وفي العموم فإن العمل في سن مبكرة هو من أسرار نجاح المشاهير، مثل بيل جيتس، إيلون ماسك، مارك زوكربيرج، وغيرهم الذين يشتغلون على أنفسهم منذ الصغر.

وفي النهاية عزيزتي الأم، يجب عليكِ مراعاة أن يلائم عمل طفلك المراهق سنه وطبيعة شخصيته، فإن إدراك الأم ووعيها يؤثر بشكل كبير على خيارات المراهق الوظيفية، وتجنبه الكثير من التخبط، الذي يحدث كثيرًا في الخطوات الأولى له في سوق العمل.