الاعتماد على الذكاء الاصطناعي: هل يهدد مهارات الأطباء في كشف سرطان القولون؟
أحدث الذكاء الاصطناعي ثورة في مجال الطب، خاصةً في مجالات مثل التصوير التشخيصي. وفي سياق الكشف عن سرطان القولون، تُستخدم أنظمة الذكاء الاصطناعي لمساعدة الأطباء في تحديد الأورام الحميدة (السلائل) أثناء عمليات تنظير القولون. ولكن، تُثير بعض الأبحاث سؤالًا حاسمًا: هل يُمكن أن يُؤدي هذا الاعتماد المُتزايد على التكنولوجيا إلى تراجع في المهارات البشرية؟
1. ظاهرة “تدهور المهارات” (De-skilling)
يُشير مصطلح “تدهور المهارات” إلى فقدان القدرة على أداء مهمة ما نتيجة الاعتماد المُفرط على نظام آلي. في حالة تنظير القولون، يعمل الذكاء الاصطناعي كـ”عين ثانية” تُبرز الأورام المشبوهة. هذا الدعم، وإن كان مُفيدًا، قد يُقلل من يقظة الطبيب. فإذا كان الطبيب يعتمد بشكل كامل على النظام لتحديد كل شيء، قد يُصبح أقل اهتمامًا بالبحث بنفسه عن العلامات الدقيقة أو الأورام الصغيرة التي قد لا يكتشفها الذكاء الاصطناعي.
2. فقدان الحدس والخبرة
تُبنى خبرة الطبيب على آلاف الساعات من الممارسة ومواجهة الحالات المُختلفة. هذه التجربة تُولد لديه حدسًا طبيًا فريدًا يُمكنه من ملاحظة الفروق الدقيقة التي قد لا تُبرمج فيها أنظمة الذكاء الاصطناعي. يُمكن أن يُقلل الاعتماد على التكنولوجيا من تطوير هذا الحدس، خاصةً بالنسبة للأطباء الجدد، الذين قد لا تُتاح لهم فرصة بناء قاعدة خبراتهم بشكل كامل.
3. مخاطر “الأخطاء الخفية”
على الرغم من دقة أنظمة الذكاء الاصطناعي، إلا أنها ليست معصومة من الخطأ. قد يُعاني النظام من نقاط ضعف غير معروفة أو يفشل في حالات نادرة، مما قد يُؤدي إلى فقدان تشخيص مهم. إذا كانت يقظة الطبيب قد تراجعت بسبب الاعتماد على النظام، فقد لا يُلاحظ هذا الخطأ، مما يُعرض حياة المريض للخطر. وهذا يُؤكد على أن الذكاء الاصطناعي يجب أن يكون أداة مساعدة وليس بديلاً عن العين البشرية.
خاتمة
إن هذه الأبحاث لا تهدف إلى التشكيك في قيمة الذكاء الاصطناعي، بل هي دعوة للتفكير في كيفية استخدامه. يُعد الذكاء الاصطناعي شريكًا قويًا، ولكن لا يجب أن يُؤدي إلى تآكل المهارات البشرية. فالمستقبل يكمن في التعاون بين الإنسان والآلة، حيث تُعزز التكنولوجيا خبرة الطبيب، بدلاً من أن تُقلل منها.
