د. هيثم بدران : اكتئاب ما بعد الولادة
تشكل الولادة تجربة مبهجة لا تُنسى، وعادة ما يستمر الجهد البدني والنفسي الذي يرافق الولادة خلال الأيام، ما يسبب تغيرًا في الحالة المزاجية خلال الفترة الأولى من الولادة، إضافة إلى المشاعر التي تصاحب الولادة نفسها، وقد ينعكس عادة في البكاء، والقلق، والانفعال المفرط، وغيرها.
تُعرف هذه الظاهرة باسم اكتئاب ما بعد الولادة، وتظهر لدى معظم النساء عادة في الفترة بين اليوم الرابع واليوم العاشر من الولادة، ومن المهم معرفة أنه يمكن للاكتئاب ما بعد الولادة أن يعاود الظهور في الحمل التالي بنسبة ٥٠٪ – ١٠٠٪ من الحالات، كما أنه توجد نساء معرضات للإصابة بالاكتئاب، ولا علاقة له بالولادة.
الفئات الأكثر عرضة للإصابة باكتئاب ما بعد الولادة
توجد مجموعة من الفئات الأكثر عرضة للإصابة باكتئاب ما بعد الولادة كما يأتي:
النساء الأقل من ٢٠ عامًا اللاتي لا يتلقين علاجًا طبيًا بشكل منتظم.
النساء اللاتي لديهن أكثر من ٦ أبناء.
النساء اللاتي لم يتلقين الدعم الكافي من الأهل في فترة المراهقة.
أعراض اكتئاب ما بعد الولادة
تظهر أعراض اكتئاب ما بعد الولاده خلال الأشهر الثلاثة الأولى بعد الولادة، ويشبه هذا الاكتئاب في أعراضه ومميزاته حالات الاكتئاب الأخرى التي لا علاقة لها بالحمل والولادة، وتشمل أعراض هذه المشكلة ما يأتي:
تردي الحالة المزاجية.
اللا مبالاة.
اضطرابات في الشهية والنوم.
انفعالات زائدة.
التعب والخمول.
انعدام التقدير الذاتي والشعور بالذنب.
صعوبات في التركيز واتخاذ القرارات.
هبوط الحالة المزاجية.
اضطرابات في الانفعالات.
التململ.
الصداع.
أفكار سلبية تجاه المولود الجديد.
أفكار انتحارية، ولكن ذلك في الحالات الشديدة.
أسباب وعوامل خطر اكتئاب ما بعد الولاده
يرتبط أعراض هذا النوع من الاكتئاب بانخفاض ملحوظ في مستويات الهرمونات في الجسم، ويوجد بعض العوامل التي يمكن اعتبارها كأحد مسببات الاكتئاب، نذكر منها ما يأتي:
القلق والتوتر.
اكتئاب سابق.
تغيرات في الحالة المزاجية.
قصور الغدة الدرقية.
فرط نشاط الغدة الدرقية.
من المهم معرفة أنه لا علاقة بين اكتئاب ما بعد الولاده وبين المستوى التعليمي أو الثقافي، وجنس المولود، والإرضاع، وطريقة الولادة، وكون الحمل مخططًا له أم لا.
مضاعفات اكتئاب ما بعد الولاده
قد يسبب اكتئاب ما بعد الولاده الإصابة بالعديد من الأمراض، مثلما يأتي:
الذهان.
الانفصام العقلي.
الهوس الاكتئابي.
تشخيص اكتئاب ما بعد الولاده
يستند تشخيص هذه الحالة على إجراء محادثة مع المرأة واستيضاح مشاعرها تجاه نفسها وتجاه المولود، ويستعين الفريق الطبي باستبيان لجمع المعلومات ومعرفة العديد من الأمور التي تشير إلى ما يأتي:
أفكار بشأن إيذاء الذات.
الاكتئاب.
اللا مبالاة.
انعدام القدرة على الاستمتاع بالأنشطة اليومية.
الشعور بالضيق.
اضطراب الأداء اليومي في البيت.
صعوبة التواصل مع الناس والبيئة المحيطة.
علاج اكتئاب ما بعد الولاده
يتم علاج حالة الاكتئاب ما بعد الولاده بواسطة أدوية الطب النفسي المختلفة، حيث يتم اختيار الدواء وفقًا للأعراض الجانبية، وما إذا كانت الأم مرضعة أم لا.
من المهم معرفة أن جميع الأدوية المضادة للاكتئاب تنتقل إلى حليب الأم، لذلك يجب أخذ هذه النقطة بعين الاعتبار.
ينصح بالبدء بنصف الجرعة المعتادة ثم زيادتها تدريجيًا، وينبغي الاستمرار في تناول الدواء لمدة ٦ أشهر لمنع حصول الاكتئاب من جديد، أما في حال عدم الاستجابة للعلاج خلال ٦ أشهر، فينصح بالتوجه إلى الطبيب النفسي للاستشارة.
يجب استشارة طبيب مختص لتحديد العلاج المناسب لحالة المريضة، الذي يمكن أن يشمل ما يأتي:
تناول بعض الأدوية: تشمل دواء سيرترالين، وهو الدواء الموصى به أثناء فترة الرضاعة، إضافة إلى مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية، وتكون احتمالات الشفاء فيه مرتفعة.
الوقاية من اكتئاب ما بعد الولاده
يمكن الوقاية من الإصابة باكتئاب ما بعد الولاده من خلال تناول دواء من عائلة مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية.
نسأل الله السلامة للجميع
