اقرأ هذا المقال بالكهرباء
بنص لسان | كتب : صبري ناجح
في الوقت الذي تقرر فيه عزيزي القارئ قراءة هذا المقال، فاعلم أنك تقرأه فقط بالكهرباء. ليس معنى هذا أن تكهرب نفسك حتى تقرأه، أو أن التيار الكهربائي سيتسرّب من المقال عندما تبدأ بقراءته. لكن الكهرباء هنا عامل وثيق الصلة في قراءته.
فعندما تقرأ هذا المقال سواء في المنزل أو العمل أو الشاليه أو الأوتيل، يجب أن تعرف أنه إذا لم تكن هناك كهرباء لن تكون هناك تكييفات لتحسين درجة حرارة الجو المرتفعة للغاية، أو مراوح للترويح عن نفسك، ووقتها لن يكون لديك خلق حتى تقرأ، وأنت تتصبب عرقاً.
وإذا لم تكن هناك كهرباء، فلن تذهب عادة إلى العمل، لأن الكثير من الشركات والمصانع أغلقت أبوابها خلال أزمة الكهرباء الأخيرة.
وإذا لم تكن هناك كهرباء فلن تذهب إلى الشاليه الخاص بك، أو أن تفكر في التأجير، لأنه بدون كهرباء فقد فقدت الراحة، ومن ثم ضاع الهدف الرئيسي من الترفيه، والحال كذلك مع الأوتيلات السياحية.
ولن ننسى أزمة الكهرباء في مصر في الفترة من 2013 إلى 2016، التي شهدت فيها البلاد انقطاعات مستمرة للكهرباء، وهربت استثمارات أجنبية، وتوقفت مصانع عن العمل، وأغلقت شركات أبوابها، فقط بسبب الكهرباء.
وإذا ما أردت معرفة حجم ما نمر به الآن من “راحة كهربائية”، عليك فقط أن تتخيل نفسك في هذا الجو ودرجة الحرارة المرتفعة التي بلغت 40 درجة مئوية، بدون كهرباء، أي بدون تكييف وبدون مروحة وبدون ترفيه وبدون عمل أحياناً.
تخيلاتك هنا عزيزي القارئ هي واقع مرير بالنسبة لدول عربية مجاورة، فقد تصدرت مدن عربية أعلى درجات حرارة فى العالم خلال الشهرين الماضيين، وعاش جزء كبير من الوطن العربي، أكثر من 50 مليون شخص، في ظلام، وسط درجات حرارة مرتفعة عرّضت العديد منهم إلى مشكلات صحية، نتيجة أزمة في الكهرباء.
فبعد الكويت، جاء العراق الذي يعاني أزمة في الكهرباء بشكل حاد، ضمن الدول التى تضم المدن الأعلى حرارة فى العالم، فسجّل مطار البصرة الدولي درجة حرارة 49.3 درجة مئوية في 28 يونيو الماضي، ومدينة العمارة العراقية 49.2 درجة مئوية.
ورغم برامج الظلام والعتمة التي حددتها حكومتا العراق ولبنان، فإن انقطاعات التيار بطريقة عشوائية ما زالت مستمرة، وسط مخاوف من الوضع في المستشفيات والأماكن الحيوية.
أدّى تفاقم الأزمة في العراق إلى استقالة وزير الكهرباء ماجد حنتوش، في محاولة لتهدئة المواطنين الذين خرج بعضهم في احتجاجات. والمشاهد التي تبرز العراقيين وهم يضعون خرطوم مياه على ملابسهم في الشوارع للترطيب من حرارة الجو المرتفعة.
توضح كم المعاناة، بخاصة مع موجة جفاف تضرب بعض المحافظات في العراق، فضلاً عن أن لبنان الذي يعيش أكثر فترات تاريخه حرجاً، يمر أيضاً بأزمة كهرباء حادة.
حتى إن لبنان وضع برنامجًا للظلام، حتى يستفيد الجميع من مصادر الطاقة المتبقية لديه، وسط مزايدات وتناحرات محلية وتعاطف إقليمي ودولي.
في هذه الأثناء نجد أن مصر تمد شبكة كهربائية بين 3 قارات، تمتد من السودان جنوب حتى قبرص واليونان شمالاً، ومن ليبيا غرباً حتى السعودية والأردن شرقاً.
ثم الوصول إلى العراق. كما تستهدف مصر تحقيق فوائد ومنافع متعددة للدول الأفريقية، لتكون مركزًا محوريًا للربط الكهربائي بين أوروبا والدول العربية والأفريقية.
وما بين أزمة كهربائية سابقة مررنا بها في مصر وعانينا منها، وبين وفرة الآن، مروراً بأزمات الدول المجاورة، يجعلنا أن نتجه إلى ترشيد الطاقة، حتى لا تذهب هباءً.
يقصد بالترشيد الاستخدام الأمثل لموارد الطاقة الكهربائية دون المساس براحة الأفراد أو إنتاجيتهم، من خلال استخدام الطاقة عند الحاجة الحقيقية إليها.
وتتمثل أهمية ترشيد الطاقة الكهربائية، وفق الموقع الإلكتروني لوزارة الكهرباء، فى أنها أحد أهم الركائز الأساسية للاستغلال الأمثل لمصادر الطاقة الأحفورية، مثل النفط ومشتقاته، التى تستخدم فى محطات توليد الكهرباء، بما يساعد فى الحفاظ على هذه المصادر للأجيال القادمة، ويخفض الصادرات، بالتالي العملة الصعبة.
ويتيح ترشيد استخدام الطاقة الكهربائية العديد من الفوائد منها: خفض قيمة فاتورة الكهرباء، وخفض الانبعاثات المؤثرة على البيئة نتيجة الوفر فى استهلاك الوقود فى محطات التوليد، فضلاً عن دعم صناعة المعدات المرّشدة للطاقة، وبصفة خاصة من الإنتاج المحلي، بما يساعد فى تنمية الاقتصاد الوطنى ككل.
وتجنب الفصل فى الأحمال فى وقت الذروة، وفى الفترة التى يزيد فيها الطلب على الطاقة وترتفع فيها الأحمال للحد الأعلى، وتكون بين الساعة السادسة مساءً إلى العاشرة مساءً خلال فصل الشتاء وبين الساعة السابعة مساءً حتى الحادية عشرة خلال فصل الصيف.
وعليك أن تعرف عزيزي القارئ، أن القطاع المنزلى يستهلك نحو 40 في المئة من إجمالى استهلاك الطاقة الكهربائية على مستوى مصر.
ويتمثل استهلاك الطاقة الكهربائيـة بالمنازل بصفة أساسية فـى كـل مـن الإنارة والأجهزة الكهربائية (التكييف، غسالة الملابس الأوتوماتيكية، الثلاجة الكهربائية، السخان الكهربائي…… وغيرها)، وتعد الإنارة المستهلك الرئيسي فى الشرائح منخفضة الاستهلاك بالقطاع المنزلي.
بينما الأجهزة الكهربائية المستهلك الرئيسي فى الشرائح مرتفعة الاستهلاك بهذا القطاع.
حافظ على الكهرباء حتى تعيش في النور وتقرأ المقال.