وهم “الخالي من السكر”: المشروبات الغازية الدايت تُهدد الكبد عبر اضطراب الميكروبيوم والالتهاب
في محاولة لتجنب مخاطر السكر، يلجأ الكثيرون إلى المشروبات الغازية “الدايت” أو “الخالية من السكر”، مُعتقدين أنها خيار آمن. لكن الدراسات الحديثة تُحذر من أن هذه المشروبات، التي تحتوي على المحليات الصناعية (Artificial Sweeteners) مثل الأسبارتام أو السكرالوز، قد تُسبب هي الأخرى ضرراً غير مُتوقع للكبد، وذلك من خلال آليات مُعقدة تشمل اضطراب ميكروبيوم الأمعاء وتفاقم عوامل خطر التمثيل الغذائي.
1. المحليات الصناعية واضطراب ميكروبيوم الأمعاء
تُشير الأبحاث إلى أن المحليات الصناعية قد لا تكون خاملة بيولوجياً كما كان يُعتقد، بل تُؤثر على التوازن الحيوي في الجهاز الهضمي:
- تغيير التوازن البكتيري: وجد الباحثون أن المحليات الصناعية يُمكن أن تُغير تركيبة البكتيريا الموجودة في الأمعاء (الميكروبيوم). هذا الاضطراب يُقلل من عدد البكتيريا النافعة ويزيد من البكتيريا الضارة.
- زيادة نفاذية الأمعاء (Leaky Gut): يُمكن أن يُؤدي تغيير توازن الميكروبيوم إلى زيادة نفاذية جدار الأمعاء، مما يسمح للسموم والمُركبات الالتهابية بالانتقال إلى مجرى الدم والوصول مُباشرة إلى الكبد عبر الوريد البابي. هذه السموم تُؤدي إلى التهاب وإجهاد الكبد.
- تفاقم مقاومة الأنسولين: بعض الدراسات تُشير إلى أن التغييرات التي تحدثها المحليات في الميكروبيوم يُمكن أن تُؤثر سلباً على كيفية تعامل الجسم مع الجلوكوز، مما يُفاقم مقاومة الأنسولين، وهو المُحرك الرئيسي لتطور مرض الكبد الدهني غير الكحولي (NAFLD).
2. العواقب السلوكية والارتباط المُزمن
بخلاف التفاعل البيولوجي، تُساهم مشروبات الدايت في زيادة خطر أمراض الكبد عبر التأثيرات السلوكية:
- وهم التعويض: يشعر مُستهلكو الدايت غالباً بأنهم “وفروا” السعرات الحرارية من المشروب، مما يُحفزهم على الإفراط في تناول الأطعمة السكرية أو الدهنية الأخرى. هذا التعويض السلوكي يُؤدي إلى تناول سعرات حرارية إجمالية أكبر تُساهم في السمنة وتراكم الدهون في الكبد.
- الارتباط بأمراض مُزمنة أخرى: الاستهلاك المُزمن لمشروبات الدايت يرتبط في الدراسات الوبائية بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والسكري من النوع الثاني، وكلتا الحالتين هما من الأسباب الرئيسية لتفاقم أمراض الكبد الدهني.
لذلك، يجب النظر إلى مشروبات الدايت ليس كحل، بل كعادة تحتاج إلى المراجعة والحد من استهلاكها، واستبدالها بالماء أو المشروبات الطبيعية غير المُحلّاة للحفاظ على صحة الكبد.
