هل نتفاءل؟
بقلم : أسامة كمال
شهر مايو الذي شارف على الانتهاء لم يكن شهراً رحيماً ولا خفيفاً، أحداثه يسميها البعض ساخنة، ولكنها في الواقع باردة وثقيلة، كشخص هزاره بارد وثقيل.. ولكن أحداث مايو باردة وثقيلة ولكنها ليست هزاراً..
ما حدث في فلسطين ليس ساخناً ولكنه سخيف، حيث نرى رئيس وزراء الكيان المحتل يحاول إنقاذ مستقبله السياسي بمغامرة ضحّى فيها بأرواح المئات لينقذ مستقبله اليائس الذي لا يختلف عن ماضيه البائس.
والأدهى أن ما فعله لم يلق أي عقاب، لا من جهة دولية ولا من مؤسسة عالمية ولا من الداخل.. ببرود شديد يمر العدوان على الشعب الفلسطيني دون رادع.. ما هذا العالم البارد؟
رحيل الرائع سمير غانم فصل بارد رغم أن كل نفس ذائقة الموت.
ولكن هذا الإنسان جعلنا نشعر طوال حياتنا أنه جزء من حياتنا، عندما كانوا ثلاثة أو ثلاثي – مع الضيف أحمد وجورج سيدهم رحمهم الله – أو منفرداً أو مع آخرين.. لم يكن سمير رحمه الله ضيفاً خفيفاً أو ثقيلاً، ولكنه كان جزءاً من الأسرة، تشعر أنه سيفتح باب البيت ويدخل يجلس بجوارك لتناول الطعام أو شرب الشاي أو مشاهدة التليفزيون.
مواقف إثيوبيا الباردة وأسلوب مسؤوليها البارد المتعنت ليس ساخناً ولكنه مستفز كائن ما كان رأيك عن رد فعلنا عليه، ولكن هو أسلوب ثقيل نراه في حياتنا اليومية في ناس تعتدي على حقوق المواطن بلا رادع أو واعز من ضمير لمن حولك، فيستولى على ما يخصك بمبدأ “هو كده” فتصرخ يا بوليس.. يا شاويش.. فلا حياة لمن تنادي.. يا جيراني.. يا أصحابي.. صمت تام من الكل، ما عدا أصوات قليلة خافتة يقول لك انت “صلي ع النبي وحاول تقعد معاه تحلها مش عايزين مشاكل”!
المواقف كثيرة، بعضها هذا المنبر ليس محلها والبعض الآخر يدخل في قائمة طويلة لا أحتاج أن أذكرك بها، لأنها جزء من حياتك اليومية مثل ضيق العيش وارتفاع تكلفة المعيشة والخدمات.. ولكن نأتي لعنوان المقال: هل نتفاءل؟ رغم كل ما يحدث كيف نتفاءل؟ التفاؤل شعور داخلي بالرضا ونظرة إيجابية عندما توصد الأبواب، فتتوكل على الله، الذي قال لنا في سورة آل عمران: “ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين”، وقول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر رضي الله عنه وهما في طريق الهجرة “لا تحزن إن الله معنا”.
ثم نأتي إلى الشواهد في القضايا الثلاث التي طرحتها.. أولاً عادت قضية فلسطين إلى السطح على يد جيل جديد بعد أن كانت قد ماتت تماماً، وتنبه العالم إلى أسلوب المعتدي، وخرجت مصر الشريفة قوية تنتصر للشقيق الضعيف، دون أن تبالي بمن فعل ومن قال، دبلوماسياً، سياسياً، اقتصادياً والأهم إنسانياً.
رحل سمير غانم فخرج الكل بلا استثناء يعلن حبه الشديد لفنان عبقري وإنسان من الدرجة الأولى.. مظاهرة حب ليس فيها رياء ولا ركوب موجة.. مشاعر صادقة، قلوب دافئة، كلمات بسيطة، يا ليت سمير غانم قرأها في حياته ولكنه بالتأكيد كان يعلم.
وأخيراً موقف السد الإثيوبي، حيث المتابع الجيد والقارئ لشواهد الأمور يرى تحركات واعية في كل الاتجاهات وإشارات فشل الجانب الإثيوبي في قراءتها أو قرأها وفشل في تفسيرها في خطأ تاريخي جسيم، ستظهر نتائجه في المستقبل غير البعيد.
هذه أسباب تدفعني للتفاؤل وتدفعك معي لنفس التوجه رغم ثقل شهر مايو والذي يأتي امتداداً لفترة ثقيلة على القلوب والأنفس، ولكن ببركة الدعاء وبالإخلاص في العمل سنمر منها بإذن الله..
أحسنوا الظن في الله سبحانه وفي أنفسكم وفي قدرتكم وقدرة هذا البلد والشعب الذي مر بما هو أسوأ ولكنه خرج من كل موقف سالماً، آمناً، منتصراً.. تفاءلوا بالخير تجدوه.