صعوبات النطق عند الأطفال .. قد يُعاني الفرد من صعوبات النطق أو اضطرابات النطق أو مشاكل النطق (بالإنجليزية: Speech disorder) والتي تتمثّل بمشاكل في تكوين الأصوات التي تُساعد على التواصل مع الآخرين، ويُعرّف النطق على أنّه إحدى الوسائل الرئيسية التي يُوصل بها الفرد أحاسيسه وأفكاره ومشاعره للآخرين، ومن أجل ذلك تعمل أجزاء مختلفة من الجسم؛ كالرأس والعنق والصدر والبطن، بتناسق دقيق لتكوين الكلام، وحقيقةً قد تؤثر صعوبات النطق سلبًا في تواصل الطفل مع أقرانه وقدرته على التعلّم من الآخرين، لكن ولحسن الحظ يُساهم العلاج كثيرًا في التغلّب على بعض مشاكل النطق وتحسينها.
علاج صعوبات النطق عند الأطفال
يَمنع العلاج المُبكّر تطوّر صعوبات النطق وازدياد الحالة سوءًا، ولا ضير من إخبار أخصائي الأطفال المسؤول عن حالة الطفل بكافّة الأمور التي يلحظها ذويه. يخضع الطفل لمُعاينة نطق بسيطة تتضمن مجموعة من الفحوصات التي تهدف لتحديد نوع اضطراب النطق الذي يُعاني منه الطفل وشدّته -إن وُجِد- وما إذا كان مصحوبًا باضطرابات أخرى، يتبع ذلك خطّة علاج خاصة بالحالة يضعها أخصائي أمراض النطق واللغة (بالإنجليزية: Speech-Language Pathologist)، ويُشترط بهذه الخطة أن تُحدّد نوع اضطراب النطق الذي يُعاني منه الطفل. يهدف علاج صعوبات النطق للأطفال لتحسين قدرة الطفل على الكلام وجعله أكثر وضوحًا بالإضافة إلى زيادة ثقة الطفل بنفسه خلال الممارسات اليومية المختلفة.
معالجة النطق هي الخيار الأساسي لعلاج العَمَه الحركي؛ بحيث يُركّز هذا العلاج على تدريب الطفل على كيفية نطق مخارج الحروف والكلمات والجُمل. وحتّى تتحقّق الاستفادة بالكامل من العلاج يُفضّل أن تكون جلسات المعالجة فردية لكي يأخذ الطفل الوقت الكافي للتدريب، ومن الضروري كذلك أنّ يُكرّر الطفل الكلمات والجُمل التي يتعلّمها في كل جلسة؛ لأنّ الطفل المُصاب بالعمه الحركي يواجه صعوبة في تنسيق حركة العضلات للتحدّث وهذا يعني حاجته لوقت أطول لتعلّم كيفية نطق الكلمات. لم يوضع حتى يومنا هذا خطّة معالجة نطق واحدة تُعالج كافّة حالات العمه الحركي، لكنّ معظم خطط العلاج تتضمّن المحاور التالية:
تكرار بعض الكلمات والجمل أكثر من مرّة خلال جلسة العلاج الواحدة.
تمارين الصوت والحركة التي يقوم بها الطفل بمراقبة حركة فم الأخصائي وهو ينطق مقاطع حروف الكلمة المُراد تعلّمها، وبذلك يتعلّم الطفل كيف يحرّك فمه لإصدار الأصوات بالطريقة الصحيحة.
تدريبات على نطق المقاطع والحروف والكلمات حتّى يتعلّم الطفل كيف ينتقل من صوت إلى آخر بدلاً من إصدار صوت واحد فقط.
تدريبات خاصّة بحروف العلّة وكيفية نطقها من خلال إعطاء الطفل كلمات تحتوي على حروف العلّة بمقاطع مختلفة ليتمرّن عليها.
التعلّم البطيء في حالات العمه الحركي الشديدة، وهنا يُقلل الأخصائي من مُعدّل الكلمات التي يُعطيها للطفل في الجلسة الواحدة حتّى يُتقنها ثم يبدأ بزيادة عددها تدريجيًّا إلى أن تتحسّن حالة الطفل.
التمارين المنزلية لعلاج النطق
لا يقتصر علاج النطق على الجلسات التي يقوم بها الأخصائي في العيادة فقط بل سيشمل المنزل أيضًا، ويكون ذلك بتحفيز الأهل على ممارسة تمارين النطق وتكرار الكلمات والجُمل المطلوبة من الطفل معه في المنزل لمُساعدته على إتقانها، بحيث تكون الجلسات المنزلية قصيرة لا تتجاوز خمس دقائق وبمعدّل مرّتين يوميًّا، ويجب كذلك أن يصطنع الأهل مواقف حياتية تُجبر الطفل على استخدام الكلمات التي يتعلّمها إلى أن يُصبح قادرًا على استخدامها بشكل تلقائي.
طرق تواصل بديلة
عندما يصعب التواصل كلاميًّا وصوتيًّا مع الطفل في الحالات الشديدة من العَمَه الحركي فقد تُستخدم طرق بديلة لتحسين التواصل، مثل لغة الإشارة والإيماءات؛ كالإشارة بالإصبع للشيء المقصود من الكلام، يمكن أيضًا أن تلعب التكنولوجيا دورًا كطريقة للتواصل في هكذا حالات مثل الأجهزة الإلكترونية والأجهزة اللوحية (بالإنجليزية: Tablets)، ومن الضروري أن يُحسِن الأهل اختيار طريقة التواصل البديلة منذ بداية العلاج لتخفيف ضَجر الطفل من المحاولات المتكرّرة للتحدّث معه، كما أنّها تُساعد على تحسين مهارات الطفل اللغوية من خلال زيادة عدد الكلمات التي يعرفها وتحسين قدرته على ربطها ببعضها وإنشاء جمل مفيدة، ثم بمرور الوقت ومع تحسّن الحالة قد تُصبح هذه الطرائق والأجهزة غير ضرورية ويمكن الاستغناء عنها.
التأتأة
التأتأة (بالإنجليزية: Stutter) أو ما يُعرف علمياً باضطراب طلاقة اللسان مبدوء الطفولة (بالإنجليزية: Childhood-onset Fluency Disorder) هو أحد اضطرابات النطق التي يُعاني فيها الطفل من صعوبة واضحة في طلاقة وتدفّق الكلام. وحقيقةً يوجد العديد من العلاجات للتأتأة ويأخذ أخصائي النطق قرار العلاج الأمثل مباشرة خلال الفحص وبعد تقييم حالة الطفل، ولأنّ الاحتياجات الفردية تختلف من حالة إلى أخرى فلا يوجد علاج واحد يصلح لكافّة حالات التأتأة، وقد لا يُنهي العلاج مشكلة التأتأة بالكامل لكنّه قد يُساعد على تحسين طلاقة الكلام، وتطوير القدرة على التواصل، وتعزيز الحضور الاجتماعي للطفل ومشاركته في النشاطات المدرسية والاجتماعية؛[٢٠] لذا توضع خطّة العلاج بالتعاون بين الأخصائي وأهل الطفل ومُعلّميه، حيث يوجد للتأتأة خُطتّا علاج أساسيتان هما:
العلاج غير المٌباشر: حيث يُساعد الأخصائي الأهل في تحديد وتعديل طرق التواصل الأنسب مع الطفل، ويُعتبر العلاج غير المُباشر فعّالاً لتقليل التأتأة أو حتّى علاجها بالكامل في العديد من الأطفال؛ فالهدف الأساسي من العلاج غير المُباشر هو خلق بيئة هادئة ومريحة قدر الإمكان للطفل تُساعده على النطق بعيدًا عن التوتر والضغط، إذ يتحقق ذلك بالتحدّث مع الطفل بشكل هادئ وبطيء وبتبادل الحديث معه والانصات إليه، بالإضافة إلى الإكثار من الأنشطة التي تُشجّع الطفل على التكلّم؛ كاللعب معه أو الطبخ أو المشي سويّاً إلى المدرسة أو البحث في كتبه المُفضّلة، ويُفضّل كذلك عدم مُقاطعة الطفل أثناء كلامه وعدم انتقاده.
العلاج المٌباشر: يعقد الأخصائي هنا جلسات العلاج مُباشرة مع الطفل إمّا بشكل فردي أو ضمن مجموعات صغيرة يُقدّم فيها استراتيجيات لتسهيل نطق الكلمات وخفض حدّة التوتر لدى الطفل فيتعلّم الطفل الفرق بين الحديث بطلاقة والتأتأة.
قلّما تنتهي مشكلة التأتأة إذا استمرت بعد السابعة من العمر، لكنّ العلاج يبقى فعّالاً حتّى بعد تجاوز هذا العمر ويُحسّن من قدرة الطفل على الحضور الكامل لأنشطة المدرسة والمشاركة فيها ويُطوّر مهاراته في التعامل مع مواقف عديدة كالمضايقات والتنمّر. لذلك يكون العلاج دائماً ضروريًّا ومُفيدًا لتخفيف شدّة التأتأة وتأثيرها حتّى في الأطفال الأكبر عمرًا.