القرش في مواجهة العمر على الطريق
كتب : أسامة كمال
بينما تقرأ هذه السطور سيكون عيد الأضحى المبارك قد حلّ علينا جميعاً بالخير والبركات، كل عام والعالم كله بخير، أو تكون أجازة العيد الطويلة قد بدأت ليحاول استغلالها كل شخص على طريقته أو على قدر إمكاناته..
السفر هو كلمة السر في الأجازات الطويلة، فهناك من يسافر ليكون وسط أسرته الأكبر ومنهم من يسافر للمصيف، خاصة عندما تكون الأجازة في فصل الصيف.. قليلون مثلي هم من يبقون في القاهرة بلا سفر، وليس لديّ أي شعور بالحسد على المسافرين والمستمتعين بأوقاتهم.
تغير شكل الحياة مع التطورات الكبيرة التي حدثت في كل الطرق السريعة أو على الأقل في معظمها، بما يتيح للناس سفر أكثر راحة وفي أوقات أقصر..
الخلاصة بالنسبة للسادة المسافرين ذهاباً أو إيابا بعد الأجازة الطرق السريعة أصبحت مغرية جداً للإسراع، رغم أن الرادارات انتشرت على كل هذه الطرق بلا استثناء جعلت المخالفات من أهم عوائد الدولة بسبب إغراء الطرق أكثر من الاحتياج للوصول في توقيت معين.
كلنا نعرف أن السرعة تحدد على الطرق اعتماداً على عدة عوامل، منها لو كان الطريق يمر بأماكن مأهولة بالسكان، ومنها ما يتعلق بأسلوب دك الطريق، فنجد طرق جودتها عالية تقود سيارتك عليها على سرعة 120 كم في الساعة وتشعر وكأنك تقود على سرعة 40 كم، وطرق أخرى تقود عليها على سرعة 60 كم مثل كوبري 6 أكتوبر فتشعر أنك تقود بسرعة هائلة.
جرت العادة أن يكون الرادار في أول الطريق حين يكون الشخص في حالة الحماس الأولى أو قرب الوصول حين يكون قائد السيارة بدأ يشعر بالملل ويتطلع للوصول.
ولكن لاحظت من عدة أسابيع في طريق الإسكندرية أن هذا المعيار غير موجود، فرجال الشرطة انتشروا في أكثر من خمسة مواقع على طول الطريق بلا كلل لا ترتبط بالنظرية التي طرحتها سابقاً.
ولكن لماذا الرادار؟ هل هو لتحصيل نظير المخالفات، أم لتحقيق الالتزام من قبل قائدي السيارات لضمان السلامة والأمان؟ أعتقد أن الهدف الثاني أهم بكثير في رؤية الدولة وفي رؤيتنا كمواطنين لأن سمعة مصر في حوادث الطرق كانت دائماً على المحك بما يؤثر على الاستثمار في المؤشرات الكثيرة التي تحدد ترتيب الدول.
كنا قد قفزنا في مؤشر جودة الطرق قفزة كبيرة، ولكن لم يتراجع معدل الحوادث بسبب أخطاء معظمها بشري، فأصبح من اللازم ضبط الأداء.
لكن ما يدهشني أن تكون الغرامة المالية أو “القرش” سبب لنكون أكثر حرصاً، مهما كانت قيمتها، عن الحرص على حياتنا (أو العمر) وحياة من معنا أو من لا نعرفهم، لكنهم يشاركوننا الطريق..
لو سألت قائد السيارة سيقول حياة البشر بالطبع أهم من أي فلوس، لكن الممارسة تقول غير ذلك، لأن الكل يعتقد أنه أمهر سائق، وأن كل الأمور تحت السيطرة، ولكن اسمعها من المحنكين من كبار السن الذين يقولون “احنا ماشيين على هوا يا بيه”، وهي حقيقة لا أود أن أخوض في تفاصيلها لأننا كلنا نعلم هذه التفاصيل.
ولكن الأغرب هو عامل السن، فالشاب في مقتبل العمر المفترض أن يعيش ويستمتع فترة أطول من حياته أكثر تهوراً من كبير السن، يعرف أن معظم حياته خلفه وليست أمامه، مفهوم طيش الشباب ومفهوم جرأة الشباب ومفهوم ومفهوم، ولكنه يبقى أمر عجيب.
في النهاية أدعو الله أن يكتب لكم السلامة ذهاباً وإيابا واستمتاع واسترخاء وعودة لعمل جاد ومثمر، ولا تنسوا أننا في أيام مباركة يُستجاب فيها الدعاء، وينظر فيها إلى صالح الأعمال، وكل عام والدنيا كلها بخير.