السكريات وتصرفات الأطفال..هل هناك علاقة بين الحلوى والنشاط الزائد؟

الصحة والجمال

استمع الي المقالة
0:00

السكريات وتصرفات الأطفال: هل هناك علاقة بين الحلوى والنشاط الزائد؟

لطالما كان النقاش حول تأثير السكريات على تصرفات الأطفال موضوعًا مثيرًا للجدل، خاصة بين الآباء والمعلمين. فبينما يُربط الكثيرون بين استهلاك كميات كبيرة من الحلوى والمشروبات السكرية بفرط النشاط، صعوبة التركيز، وتغيرات المزاج لدى الأطفال، تُشير بعض الأبحاث العلمية إلى أن العلاقة ليست بالبساطة التي قد تبدو عليها. ومع ذلك، هناك آليات واضحة يُمكن أن تُؤثر بها السكريات على سلوك الطفل، مما يستدعي الانتباه إلى الكميات المستهلكة.


الارتباط المتصور: السكر وفرط النشاط

العديد من الآباء يُلاحظون أن أطفالهم يُصبحون أكثر نشاطًا وحيوية، وأحيانًا “جامحين” بعد تناول كميات كبيرة من السكريات في المناسبات مثل أعياد الميلاد أو العيد. هذا الارتباط الظاهري يُعزز الاعتقاد الشائع بأن السكر يُسبب فرط النشاط. ومع ذلك، تُظهر الدراسات العلمية المنهجية أن السكر بحد ذاته لا يُسبب فرط النشاط (Hyperactivity) بشكل مباشر لدى معظم الأطفال. فالتأثير قد يكون نفسيًا أو مرتبطًا بعوامل أخرى:

توقعات الوالدين: قد يتوقع الآباء أن يصبح أطفالهم نشيطين بعد السكر، مما يُؤثر على كيفية إدراكهم لسلوك الأطفال.

عوامل بيئية: غالبًا ما تُقدم السكريات في المناسبات المبهجة التي تُثير حماس الأطفال أصلاً، مثل الحفلات أو التجمعات العائلية، مما يُساهم في سلوكهم النشط.


التأثيرات الحقيقية للسكريات على سلوك الأطفال:

على الرغم من عدم وجود دليل قاطع على أن السكر يُسبب فرط النشاط المباشر، إلا أن له تأثيرات أخرى مهمة على تصرفات الأطفال وقدراتهم الإدراكية:

تقلبات مستويات السكر في الدم:

الارتفاع السريع: تناول السكريات المُكررة يُسبب ارتفاعًا سريعًا في مستويات السكر في الدم، مما يُؤدي إلى إفراز كميات كبيرة من الأنسولين. هذا قد يُعطي دفعة مؤقتة من الطاقة (شعور بالنشاط الزائد).

الانخفاض المفاجئ: يتبع هذا الارتفاع انخفاض حاد في مستويات السكر في الدم، والذي يُعرف بـ”هبوط السكر التفاعلي”. هذا الانخفاض يُمكن أن يُسبب:

الإرهاق والخمول: الشعور بالتعب المفاجئ.

التهيج وتغيرات المزاج: يُصبح الطفل سريع الغضب أو حزينًا دون سبب واضح.

صعوبة التركيز: يُؤثر على قدرتهم على التعلم أو أداء المهام التي تتطلب انتباهًا.

التأثير على التركيز والتعلم: التقلبات المستمرة في سكر الدم يُمكن أن تُؤثر على وظائف الدماغ، مما يجعل من الصعب على الأطفال الحفاظ على التركيز أو معالجة المعلومات بفعالية، خاصة في البيئة التعليمية.

العلاقة بين السكر والاضطرابات السلوكية: على المدى الطويل، يُمكن أن يُساهم الإفراط في تناول السكريات في زيادة خطر الإصابة بمشاكل صحية مثل السمنة ومقاومة الأنسولين والسكري من النوع الثاني، والتي بدورها يُمكن أن تُؤثر على الحالة المزاجية والسلوك. بعض الدراسات تُشير إلى أن اتباع نظام غذائي عالي السكر قد يزيد من خطر تطور مشاكل مثل الاكتئاب والقلق لدى الأطفال والمراهقين.

التأثير على جودة النوم: تناول السكريات قبل النوم يُمكن أن يُؤثر على جودة النوم، مما يُسبب الأرق أو النوم المتقطع. قلة النوم الجيد تُؤدي إلى التعب في اليوم التالي، مما يُمكن أن يُفسر أحيانًا بسوء السلوك أو التهيج.


نصائح للتعامل مع السكريات:

الاعتدال: لا يُمكن منع الأطفال من تناول السكريات تمامًا، ولكن الاعتدال هو الحل.

المراقبة: كن واعيًا لكمية السكر المُضاف في الأطعمة والمشروبات (عصائر الفاكهة المُعلبة، المشروبات الغازية، الوجبات الخفيفة المُصنعة).

التغذية المتوازنة: تأكد من أن الأطفال يحصلون على نظام غذائي غني بالبروتين، الألياف، والدهون الصحية التي تُساهم في استقرار مستويات السكر في الدم.

التوعية: علم الأطفال عن أهمية الأكل الصحي وتأثير السكريات على أجسامهم.

في الختام، بينما قد لا يكون السكر هو السبب المباشر لفرط النشاط كما يُعتقد، إلا أن تأثيره على تقلبات سكر الدم، الحالة المزاجية، والتركيز يُمكن أن يُغير من تصرفات الأطفال. لذا، يُعد التحكم في كمية السكريات المستهلكة خطوة أساسية نحو صحة أفضل وسلوك أكثر استقرارًا لأطفالنا.