التشتت الرقمي أثناء العمل .. كيف تتخلص منه ؟
يقول فرانسيس بوث في كتاب مصيدة التشتت: “يمكننا وصف العصر الذي نعيشه حاليًا بعصر الأسلاك، لأننا متصلون بكثير من الأسلاك، أسلاك تخرج من جيوبنا، من حقائبنا، من كل مكان… في العمل، في الشارع، في القطار، في البيت! أصبحنا نعيش في عالم رقمي”.
هل وجدت نفسك تشعر فجأة برغبة ملحة في زيارة مواقع التواصل الاجتماعي أثناء العمل أو الدراسة، وقلت لنفسك “لن أقضي سوى ربع ساعة”، ولكن بالطبع، تمتد هذه الفترة القصيرة إلى ساعات وقد تستمر طوال اليوم، وفي النهاية تجد نفسك قد استنفذت طاقتك بالكامل بلا فائدة.
وهذه بعض الاسباب والنصائح التي ذكرها الكاتب في كتاب مصيدة التشتت كيف أصبحنا نعيش في عالم رقمي.
التشتت الرقمي أثناء العمل
ما هي الأمور التي تسببها كثرة التصفح على الأجهزة الذكية؟
التشتت:
تخيل أنك تؤدي عملك فيقاطعك إشعار من البريد الإلكتروني عن وصول منتج اشتريته، فتدخل إلى الموقع لتتفقد الطلب، ثم تعود لتكمل عملك، فتجد شخصاً يتصل بك فتجيبه، وبعد قليل تصلك رسالة نصية قصيرة ترد على مرسلها، ثم بعد دقائق تقابل شيئاً لا تعرفه في عملك فتبحث في غوغل وتظهر لك صفحة مليئة بالروابط وتنتقل من رابط إلى أخر وفي النهاية تجد نفسك تتابع فيديو ليس له أي علاقة بموضوعك الأصلي. بالطبع كل هذا التشتت الذي يحدث يؤثر سلباً في عملك. أداء عدة أمور في الوقت نفسه ظنًا منا أننا يمكننا إنجاز العديد من الأمور في وقت أقصر ليس سوى خدعة. في الحقيقة، عند محاولة إنجاز العديد من الأمور في نفس الوقت، تقل إنتاجية الفرد، وقد يصاب بالكسل. التشتت الرقمي لا يؤثر في قدراتنا الإنتاجية فحسب، بل يؤثر في علاقتنا وصحتنا.
عدم القدرة على الاختلاء بالذات:
لماذا لم نعد نجلس بمفردنا؟ جرب أن تجلس بمفردك عندما لا يكون لديك أي عمل تقوم به، ستجد نفسك تسرع لالتقاط هاتفك وتفتح أي تطبيق أو موقع لتشعر بالتسلية، ولهذا نخسر إمكانية الاختلاء بالذات التي تعتبر بالطبع صعبة، ومملة، ولكنها مهمة لأنها توفر مساحة للإبداع والانشغال في أفكار جديدة، ويوفر لنا مساحة الإحساس بالهدوء.
لماذا لا نستطيع التحكم بالأجهزة الذكية؟
يبدأ التشتت عند الاستيقاظ صباحًا، وتفقد حساباتنا على مواقع التواصل الاجتماعي لنعرف ما حدث أثناء نومنا، فنجد رسالة من شخص، وعند فتحها، نجد أنفسنا سجناء لدى صندوق الرسائل، ونشعر بالقلق حيال ذلك، فنرد كي نتخلص من هذا القلق، وفور أن نرد سيبدأ تدفق غير منتهي من الرسائل بيننا.
ألاعيب العقل:
المنصات الرقمية تخدعنا، تجعلنا نشعر بالمشاعر التي نبحث عنها: أننا مهمين، أو أن الآخرين يحتاجون إلينا، ومن ثم نشعر بالانشغال فلا نحتاج إلى مواجهة الفراغ الموجود في حياتنا.
نافذة:
نحن البشر نحب أن ننظر عبر النوافذ! والإنترنت يقدم لنا نافذة تستطيع من خلالها النظر إلى حياة الآخرين وفي أي يوم نشاء لنقيّم ونحكم عليهم.
دائمًا على اطلاع:
يقلل تفقد الانترنت من خوفك أن يفوتنا شيء ما، فهذا يجعلنا متابعين لوسائل التواصل طوال الوقت تحسباً لحدوث أي شيء قد يفوتنا.
نصائح الكاتب فرانسيس بوث لإيقاف التشتت الرقمي في العمل:
إيقاف جميع المشتتات الرقمية:
قبل البدء بمهمة ما، لا تترك أجهزتك الرقمية قريبة منك ظنًا منك أنك تستطيع تجاهلها، فلا تعتمد فقط على قوة إرادتك التي تمتلكها في الأوقات العادية فهي تختلف عن قوة الإرادة في أوقات الملل. عندما تشعر بالملل، سيكون من السهل تشتيتك، سيكون من الصعب عليك مقاومة الإغراء الناتج عن تنبيه جديد على جهازك، لذلك من الأفضل أن توقف تنبيهات هاتفك التي لا تحتاجها ولا تستطيع تجاهلها فكلما زادت التنبيهات التي تصلك زاد التشتت.
ضع لنفسك موعد نهائي:
لا يوجد أقوى من الموعد النهائي، للحفاظ على التركيز، تخيل أن لديك عشرين دقيقة فقط لتنتهي من عمل ما. عندما تشعر أن تركيزك يضعف، ذكر نفسك أن لديك فقط عشرين دقيقة لإنهاء العمل، هل سمعت بقانون باركنسون، وهو أن وقت العمل يمتد ليشغل كل الوقت المتاح لذلك. إذا حددت يوماً لإنهاء مهمة ما، سوف تأخذ معك يوم واحد، وإذا حددت للمهمة نفسها ثلاثة أيام، سوف تنجزها في ثلاثة أيام.
أغلق الدائرة:
قسّم مهامك إلى دوائر، ولا تفتح الدائرة إلا عند الانتهاء من المهمة، ثم افعل نفس الأمر مع المهمة التالية. الدوائر المفتوحة تقلل الإنتاجية لذلك ابتعد عنها. عند فتح سبع نوافذ على متصفحك في الوقت نفسه، سيصبح من الصعب إنهاء العمل بسبب كل هذا التشتت. أصبح يوم العمل في المكتب لا يكفينا، لذا نضطر إلى أخذ العمل إلى المنزل بسبب الهواتف الذكية.
صنف المهام:
تصنيف المهام المفروضة عليك وجمع المتشابه منها. فمثلاً، اجمع كل رسائل البريد الواجب عليك إرسالها في وقت واحد، من الساعة العاشرة حتى الساعة الحادية عشرة، هذا هو وقت البريد وهذا أفضل بكثير من الدخول عدة مرات متفرقة لإرسال كل بريد بشكل منفصل. يمكنك تطبيق نفس الطريقة على فترة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي.
راقب الساعة:
هناك فخ يقع فيه معظم الناس، وهو قول “سأتفقد هذا الشيء فقط”، أو “سأنظر إلى هذا الشيء نظرة سريعة”، ثم تجد نفسك تقضي ساعة أو أكثر مقابل كل خمس دقائق عمل. لذا راقب الساعة وضع في حسبانك وقت دخولك، و المدة التي حددتها. لا تنس وضع معيار لمدى قدرتك على الالتزام بالوقت المحدد والتقدم الذي تحرزه.
بمجرد التخلص من مصادر التشتت، سنتمكن من إنجاز عملنا على أكمل وجه. ساعة واحدة من التركيز دون المشتات الرقمية تساوي يوم كامل في العمل الذي يتخلله تشتيت.