أفريقيا في شرم الشيخ
بنص لسان | كتب : صبري ناجح
Sabry_nageh@yahoo.com
حضرت مؤخراً فعاليات الدورة الأولى لمنتدى وكالات ترويج الاستثمار في أفريقيا تحت شعار “التكامل من أجل النمو” بمدينة شرم الشيخ، تحت رعاية رئيس مجلس الوزراء الذي نظمته الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة بالتعاون مع وزارة الخارجية المصرية ووكالة الترويج للاستثمار للكوميسا (COMESA RIA).
وبمشاركة وزراء استثمار ورؤساء هيئات الاستثمار الأفريقية يمثلون 34 دولة أفريقية، وكذا عدد من ممثلي التكتلات والمؤسسات الاقتصادية الدولية والأفريقية فضلاً عن عدد من الوزراء وكبار رجال الأعمال المصريين.
تستطيع من خلال الفعاليات أن تستنبط دور مصر الريادي في القارة السمراء، ومدى التأثير المصري في الأخوة الأفارقة من حيث تحريك زمام الأمور وتوجيه الدفة الاقتصادية التي يأتي من بعدها الاستقرار في الدول التي تعاني مجاعات وزيادة معدلات الفقر والبطالة.
وتعد مصر حاليا نموذجاً يحتذى به في المحافل الأفريقية -هذا ما لمسته من مناقشات مع مسؤولين أفارقة- فخلال أقل من 7 سنوات من اضطرابات كادت تطيح بالأخضر واليابس في مصر، استقرت الأمور وعادت قطاعات اقتصادية أفضل مما سبق.
ومن أجل استكمال النموذج المصري، بأبعاده الأفريقية، اتفق البيان الختامي للمنتدى على: تدشين مجلس استشاري قبل نهاية العام الحالي، يضم ممثلين عن هيئات الاستثمار الأفريقية والقطاع الخاص.
وبعض بيوت الخبرة العالمية لتقديم الخبرات الفنية والإدارية الخاصة بصياغة الفرص الاستثمارية وإبراز المزايا النسبية للدول الإفريقية وآليات الترويج لها.
ثانياً: إنشاء منصة إلكترونية إفريقية موحدة Platform تُدرج عليها كل الفرص الاستثمارية في القطاعات الاقتصادية ذات الأولوية.
وكذا القوانين والتشريعات والإجراءات المُنظمة للبيئة الاستثمارية بكل دولة، على أن تقوم هيئات الاستثمار الإفريقية بتوفير كل البيانات المشار إليها خلال الفترة من يوليو وحتى أكتوبر 2021 لإِدراجها ضمن المنصة.
ثالثا: وضع استراتيجية لتحفيز الاستثمار في المجال الصناعي بالقارة الأفريقية وبناء سلاسل التوريد التي تُمكن بلدان القارة من تخفيض اعتمادها على الواردات وتعزيز قدرتها على المنافسة في السوق العالمية.
رابعا: التأكيد على دورية انعقاد منتدى رؤساء هيئات الاستثمار الإفريقية في شهر يونيو من كل عام، مع التوصية بتوسيع دائرة المشاركة ليشمل القطاع الخاص الأفريقي والمنظمات الأفريقية الإقليمية والمؤسسات التمويلية الأفريقية والدولية لتحقيق أكبر قدر من الاستفادة من هذا الحدث.
خامساً: تحديد نقاط اتصال من كافة هيئات الاستثمار الأفريقية خلال شهر يوليو 2021 لسهولة تبادل البيانات والمعلومات الاستثمارية وكذا المشاركة في الأعمال التحضيرية للمنتدى القادم.
سادسا: دراسة إنشاء أكاديمية لتدريب كوادر هيئات الاستثمار الأفريقية والإعلان عنها خلال الدورة المقبلة من المنتدى.
سابعا: تنظيم عدد من الزيارات المُتبادلة بين رجال الأعمال والمستثمرين في كل الدول الأفريقية لبحث فرص إقامة مشروعات مشتركة من خلال الاطلاع على الفرص المتاحة على أرض الواقع.
وأخيراً، تنظيم 5 بعثات ترويجية قبل انعقاد الدورة الثانية من المنتدى إلى عدد من الدول الأفريقية لرجال الأعمال المصريين المهتمين بالاستثمار في الدول الأفريقية، خصوصاً في القطاعات ذات الأولوية لتلك الدول.
وأستطيع أن أتجرأ وأقول إن جميع هذه البنود كانت عبارة عن مطالب منذ بداية المنتدى، وعلى مدار جلساته السبع. غير أن أول بندين هما الأهم في وجهة نظري.
ويبدو أن مصر الآن تضع القارة الأفريقية نصب عينيها بتركيز شديد، وتريد بالفعل “التكامل من أجل النمو”.
في هذا الإطار احتفظت مصر بموقع الصدارة كأكبر الدول المُتلقية للاستثمارات الأجنبية المباشرة في القارة الأفريقية عام 2020. وفق تقرير الاستثمار العالمي لعام 2021 الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد).
أشار التقرير إلى احتفاظ مصر بموقع الصدارة من حيث كونها أكبر الدول المُتلقية للاستثمارات الأجنبية المباشرة في القارة الإفريقية عام 2020، بإجمالي صافي تدفقات استثمار أجنبي بلغ نحو 5.9 مليار دولار.
موضحاً أن التقرير رصد قيام مصر بجهود ملموسة للترويج للاستثمار الأجنبي المباشر في قطاعات اقتصادية متنوعة.
وتحققت هذه المؤشرات الإيجابية رغم ما أشار إليه تقرير (الأونكتاد) من تسبب فيروس كورونا في انخفاض صافي الاستثمار الأجنبي المباشر للقارة الأفريقية بنسبة 16% في عام 2020 لتصل إلى نحو 40 مليار دولار مقارنة بنحو 47 ملياراً عام 2019.
وتوقع التقرير تعافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي خلال عام 2021 لتنمو فيما بين 10% – 15% نتيجة قيام الاقتصادات المختلفة بتقليل قيود الإغلاق بالتزامن مع توفير لقاحات فيروس كورونا.
فضلاً عن التوقع برجوع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي إلى مستويات ما قبل جائحة كورونا في عام 2022 في ظل تحسن الاقتصاد العالمي خلال العامين القادمين.
ومع كل ذلك، تعد قارة أفريقيا الأقل في الاستثمارات مقارنة بحجم الموارد الطبيعية التي تمتلكها، والفرص الموجودة في جميع قطاعاتها الاقتصادية.
غير أن رجل الأعمال المصري أو العربي أو الأفريقي الذي يريد الاستثمار في أي دولة أفريقية أخرى، كان سيعاني الأمرين لعدم وجود بيانات ومعلومات تدله على الطريق المختصر، توفيراً للأموال والوقت.
غير أن ما توصل إليه المنتدى الأول لوكالات ترويج الاستثمار في أفريقيا، سيساعد كثيراً مناخ الاستثمار في القارة السمراء، ويعود على اقتصاد كل دولة على حدة في زيادة النمو وتقليل معدلات البطالة وبالتالي الفقر.
ولك أن تتخيل عزيزي القارئ أن المنتدى شهد 270 اجتماعاً ثنائياً بين رجال الأعمال المصريين ورؤساء هيئات الاستثمار الأفريقية، على مدار 3 أيام، لمناقشة وبحث الفرص الاستثمارية المتاحة بالدول الأفريقية المشاركة بالمنتدى.
الدورة الأولى للمنتدى انتهت على خير، ويتبقى تنفيذ المخرجات.