في خطوة استراتيجية جديدة لتعزيز وجودها في سوق الذكاء الاصطناعي العالمي، أعلنت شركة سامسونج خلال 2025 عن استحواذها الكامل على شركة ناشئة متخصصة في تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي وتحليل البيانات تُدعى NeuroMind Labs، وهي شركة أمريكية تأسست عام 2020 واستطاعت خلال وقت قصير أن تحقق شهرة واسعة بفضل تقنياتها المتقدمة.
هذا الاستحواذ يأتي في ظل المنافسة الشرسة بين شركات التكنولوجيا الكبرى على تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي خاصة بها بدلًا من الاعتماد على شركات طرف ثالث، مثل مايكروسوفت وGoogle وMeta، الذين استثمروا مليارات خلال السنوات الأخيرة لتطوير نماذج لغوية ضخمة يمكنها فهم النصوص، تحليل الصور، وإنجاز مهام معقدة في ثوانٍ.
ومن المتوقع أن تستفيد سامسونج من خبرات شركة NeuroMind Labs في تطوير مساعدها الذكي Galaxy AI، بحيث يصبح أكثر قدرة على التعامل مع المحادثات الطبيعية، وتحليل الأنماط السلوكية للمستخدمين، وتقديم توصيات ذكية في الوقت الفعلي. وتشير مصادر داخل الشركة إلى أن سامسونج تخطط لدمج تقنيات الشركة الناشئة داخل أجهزتها المستقبلية من هواتف وساعات وأجهزة منزلية ذكية.
وتتميز NeuroMind Labs بامتلاكها نموذجًا ذكيًا متطورًا يعتمد على تقنيات الضغط العميق للبيانات، ما يسمح بتشغيل نماذج معقدة على أجهزة صغيرة دون الحاجة إلى الاتصال الدائم بالسحابة. هذا التطور قد يسمح لسامسونج بإطلاق جيل جديد من الهواتف القادرة على معالجة الذكاء الاصطناعي محليًا، مما يرفع مستوى الخصوصية ويقلل استهلاك الطاقة، وهو أمر يبحث عنه المستهلكون بشكل متزايد.
وتؤكد تقارير اقتصادية أن قيمة الصفقة تتراوح بين 850 مليون و1.1 مليار دولار، ما يجعلها واحدة من أكبر صفقات سامسونج في السنوات الأخيرة. كما تشير التسريبات إلى أن الشركة الكورية تسعى إلى بناء مركز أبحاث ضخم في سيول يكون مقره الأساسي فرق العمل التي كانت تابعة لـ NeuroMind Labs.
ويأتي هذا التوسع في وقت يشهد فيه سوق الذكاء الاصطناعي نموًا هائلًا، حيث تتوقع الدراسات أن يتجاوز حجم السوق العالمي حاجز 2.3 تريليون دولار بحلول 2030، مع تركيز الشركات على دمج الذكاء الاصطناعي في الهواتف، السيارات، الأجهزة المنزلية الذكية، والروبوتات الشخصية.
وبحسب تصريحات مسؤولين في سامسونج، فإن الصفقة جاءت لإغلاق الفجوة بين الشركة ومنافسيها الذين سبقوها بخطوات في سوق الذكاء الاصطناعي التوليدي. وتعمل سامسونج حاليًا على تطوير نسخة جديدة مطوّرة من Galaxy AI ستكون قادرة على تقديم مهام أكثر تعقيدًا مثل تلخيص الاجتماعات، كتابة رسائل كاملة باحترافية، ترجمة الفيديوهات المباشرة، وتحويل الأوامر الصوتية إلى إجراءات داخل الهاتف أو الأجهزة المنزلية.
ويعتقد محللون أن عملية الاستحواذ ستمنح سامسونج ميزة تنافسية قوية خصوصًا مع اقتراب إطلاق سلسلة Galaxy S26، والتي يُتوقع أن تعتمد بشكل كبير على معالجة الذكاء الاصطناعي محليًا بدون الاعتماد على الإنترنت. وهو اتجاه تبنته شركات أخرى مثل Apple التي بدأت نفس الخطوة بإطلاق معالجات تدعم نماذج الـ On-device AI.
ومع التطور السريع في تقنيات الذكاء الاصطناعي، يتوقع الخبراء أن يصبح هذا النوع من الاستحواذات هو المحرك الرئيسي لنمو شركات التكنولوجيا خلال السنوات القادمة. فالسباق لم يعد فقط في تصنيع الهواتف أو الشاشات، بل في بناء منظومة ذكاء اصطناعي متكاملة تمنح المستخدم تجربة أكثر ذكاءً وسلاسة.
الجدير بالذكر أن سامسونج أعلنت أن فريق NeuroMind Labs سيحصل على حرية كاملة في مواصلة تطوير تقنياته، وأن الشركة لن تدمج الفريق بالكامل داخل إداراتها التقليدية، بل ستسمح لهم بالعمل ككيان مستقل نسبيًا لضمان استمرار الابتكار السريع.
وبحسب توقعات مراكز الأبحاث، قد نشهد أول منتج من سامسونج يعتمد بالكامل على تقنيات الشركة الجديدة خلال الربع الأخير من 2025، وهو ما يجعل هذه الصفقة واحدة من أهم تحركات سامسونج خلال هذا العام.














