اكتشاف جديد يُشعل الأمل تقنية فحص الدم السائل تُمكن من اكتشاف السرطان مبكرًا

تكنولوجيا

استمع الي المقالة
0:00

في تقدم علمي يُعد بمثابة بصيص أمل جديد في مكافحة أحد أخطر الأمراض في العالم، أعلن باحثون عن تطورات واعدة في تقنية “فحص الدم السائل” (Liquid Biopsy) التي تُمكن من اكتشاف السرطان مبكرًا، حتى قبل ظهور أي أعراض سريرية. هذه التقنية الثورية تُعيد تعريف منهجية التشخيص والعلاج، وتُبشر بمستقبل يمكن فيه للأطباء تحديد الخلايا السرطانية الدقيقة المنتشرة في الجسم بدقة وسرعة غير مسبوقة، مما يُعزز فرص الشفاء بشكل كبير.

لطالما كانت الكشف المبكر عن السرطان هو المفتاح لزيادة معدلات البقاء على قيد الحياة. الطرق التقليدية للتشخيص (مثل الخزعات، الأشعة السينية، الرنين المغناطيسي) غالبًا ما تكون غازية، باهظة الثمن، وقد لا تُكتشف الأورام إلا بعد أن تصل إلى حجم معين أو تنتشر. هنا تأتي أهمية فحص الدم السائل كبديل غير جراحي وأكثر حساسية.

كيف تُحدث تقنية “فحص الدم السائل” ثورة في اكتشاف السرطان؟

تعتمد هذه التقنية على مبدأ بسيط ولكنه قوي: الخلايا السرطانية تُطلق أجزاء صغيرة من مادتها الوراثية (الحمض النووي – DNA)، أو بروتينات، أو خلايا كاملة (Circulating Tumor Cells – CTCs) في مجرى الدم. تقوم تقنية فحص الدم السائل بالبحث عن هذه “البصمات السرطانية” في عينة دم بسيطة.

  • الكشف عن الحمض النووي الخالي من الخلايا (cfDNA): تُركز التقنية بشكل خاص على البحث عن أجزاء من الحمض النووي للورم المتداول (ctDNA) الذي ينطلق من الخلايا السرطانية الميتة أو المُتكسرة. يتميز هذا الحمض النووي بطفرات جينية فريدة تُشير إلى وجود السرطان.
  • حساسية ودقة عالية: التطورات الحديثة في تقنيات التسلسل الجيني والذكاء الاصطناعي أدت إلى زيادة حساسية هذه الفحوصات بشكل كبير، مما يُمكنها من اكتشاف كميات ضئيلة جدًا من ctDNA حتى في المراحل المبكرة جدًا من المرض.
  • مراقبة الاستجابة للعلاج: لا تُستخدم هذه التقنية للكشف المبكر فحسب، بل أيضًا لمراقبة استجابة المريض للعلاج. إذا انخفضت مستويات ctDNA، فهذا يُشير إلى أن العلاج فعال. إذا ارتفعت، فقد يُشير ذلك إلى عودة المرض أو تطوره.
  • اكتشاف المقاومة للأدوية: يُمكن لفحص الدم السائل تحديد الطفرات الجينية الجديدة التي تُطورها الخلايا السرطانية والتي قد تُسبب مقاومة للأدوية، مما يُساعد الأطباء على تعديل خطة العلاج بسرعة.
  • تخصيص العلاج (Precision Medicine): من خلال تحليل السمات الجينية للسرطان من عينة الدم، يُمكن للأطباء اختيار العلاج الموجه الأكثر فعالية لكل مريض بشكل فردي.

المضي قدمًا نحو التطبيق الواسع:

على الرغم من الإمكانات الهائلة، لا تزال هذه التقنية في مراحل مختلفة من البحث والتطوير والتطبيق السريري حسب نوع السرطان. هناك حاجة إلى المزيد من التجارب السريرية واسعة النطاق لتأكيد فعاليتها في الكشف المبكر على نطاق واسع. ومع ذلك، تُبشر شركات التكنولوجيا الحيوية والطبية الرائدة في هذا المجال بأن فحص الدم السائل سيُصبح جزءًا روتينيًا من الفحوصات الطبية الوقائية في المستقبل القريب.

هذا الاكتشاف يُعطي دفعة قوية لمكافحة السرطان. فبدلاً من انتظار ظهور الأعراض والتشخيص المتأخر، يُمكن لـ”فحص الدم السائل” أن يُقدم نافذة ذهبية للتدخل المبكر، مما يُنقذ أرواحًا لا تُحصى ويُحسن من نوعية حياة المرضى بشكل جذري.