قوة الانبهار: كيف يساهم تأمل الغروب في شفاء مرضى كورونا طويل الأمد؟
في زمن تتزايد فيه التحديات الصحية والنفسية، تبرز دراسات حديثة لتسلط الضوء على طرق غير تقليدية لكنها فعالة في دعم التعافي. مؤخرًا، أشارت دراسة مثيرة للاهتمام إلى أن الشعور بالانبهار، وتحديدًا عند تأمل مشاهد طبيعية كغروب الشمس، يمكن أن يقدم دعمًا كبيرًا لمرضى “كورونا طويل الأمد” (Long COVID). هذا الاكتشاف يفتح آفاقًا جديدة حول العلاقة بين التجربة الجمالية والصحة النفسية والجسدية.
ما هو “كورونا طويل الأمد”؟
قبل التعمق في الدراسة، من المهم فهم ظاهرة “كورونا طويل الأمد”. هي حالة يواصل فيها الأشخاص الذين أصيبوا بفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) تجربة مجموعة واسعة من الأعراض المستمرة لأسابيع أو شهور أو حتى سنوات بعد التعافي الأولي من العدوى الحادة. يمكن أن تشمل هذه الأعراض:
- التعب الشديد (الإرهاق المزمن).
- ضيق التنفس.
- مشاكل في التركيز والذاكرة (“ضباب الدماغ”).
- آلام في المفاصل والعضلات.
- مشاكل في النوم.
- الخفقان.
- القلق والاكتئاب.
هذه الأعراض يمكن أن تكون منهكة وتؤثر بشكل كبير على جودة حياة المرضى وقدرتهم على العودة إلى الأنشطة اليومية.
الشعور بالانبهار: تجربة تتجاوز الإدراك
الشعور بالانبهار (Awe) هو استجابة عاطفية معقدة ومميزة، غالبًا ما تنشأ عندما يواجه الشخص شيئًا عظيمًا أو يتجاوز فهمه المعتاد. يمكن أن يكون هذا الشيء ظاهرة طبيعية ضخمة (مثل غروب الشمس الخلاب، جبل شاهق، أو محيط لا نهاية له)، أو عملًا فنيًا مبهرًا، أو حتى فكرة مجردة. يتميز الانبهار بالجمع بين الشعور بالصدارة والإحساس بالاتصال بشيء أكبر من الذات.
عند تجربة الانبهار، يميل الأفراد إلى:
- التركيز خارج الذات: يقل التركيز على المشاكل الشخصية والذاتية.
- الشعور بالصغر: ليس بمعنى التقليل من الذات، بل الإحساس بأن المرء جزء من كيان أكبر.
- زيادة الترابط الاجتماعي: قد يشجع على السلوكيات الاجتماعية الإيجابية.
كيف يساعد الانبهار مرضى كورونا طويل الأمد؟
ركزت الدراسة الحديثة على تأثير تجربة الانبهار على مرضى كورونا طويل الأمد. الفرضية هي أن الانبهار يمكن أن يعمل كآلية نفسية تخفف من بعض الأعباء المرتبطة بالحالة. إليك كيف يمكن أن يحدث ذلك:
- تقليل التفكير في الذات السلبية: مرضى كورونا طويل الأمد غالبًا ما يعانون من الإرهاق الذهني والجسدي، مما يقودهم إلى التركيز المفرط على أعراضهم ومحدوديتهم. الشعور بالانبهار يدفعهم إلى تجاوز هذا التركيز الذاتي، ويجعلهم يربطون أنفسهم بمشهد أكبر وأكثر جمالاً، مما يقلل من الاجترار السلبي للأفكار.
- تخفيف التوتر والقلق: المشاهد الطبيعية المهيبة، مثل غروب الشمس بألوانه الساحرة وتدرجاته، تساعد على تهدئة الجهاز العصبي. الانغماس في هذه التجربة يقلل من مستويات الكورتيزول (هرمون التوتر) ويعزز الاسترخاء. هذا مهم جدًا للمرضى الذين قد يعانون من ارتفاع مستويات التوتر والقلق نتيجة حالتهم الصحية.
- تحسين الرفاهية العاطفية: الانبهار غالبًا ما يرتبط بمشاعر إيجابية مثل الدهشة، الامتنان، والتقدير. هذه المشاعر يمكن أن تحسن المزاج العام للمريض وتساهم في شعور أكبر بالرفاهية العاطفية، مما يعوض جزئيًا عن المشاعر السلبية المرتبطة بالمرض المزمن.
- زيادة المرونة النفسية: من خلال تغيير التركيز من الأعراض إلى الجمال المحيط، يمكن أن يطور المرضى نوعًا من المرونة النفسية التي تمكنهم من التعامل بشكل أفضل مع تحديات حالتهم.
تأمل الغروب كأداة علاجية بسيطة
يُعد تأمل وقت الغروب مثالاً ممتازًا لكيفية دمج هذه التجربة في الروتين اليومي. غروب الشمس ظاهرة طبيعية متاحة للكثيرين، وتوفر مشهدًا بصريًا ساحرًا يمكن أن يثير الشعور بالانبهار بسهولة. الجلوس في مكان هادئ، مراقبة الألوان المتغيرة في السماء، والشعور بالهدوء الذي يجلبه هذا الوقت من اليوم، يمكن أن يكون ممارسة علاجية بسيطة لكنها قوية.
الخلاصة: لا يقتصر التعافي من كورونا طويل الأمد على الأدوية والعلاجات الطبية فقط، بل يمتد ليشمل الدعم النفسي والعاطفي. دراسة دور الانبهار، وخاصة من خلال تأمل مشاهد طبيعية كغروب الشمس، تقدم منظورًا جديدًا حول كيفية مساعدة المرضى على تحسين حالتهم النفسية وتقليل تأثير الأعراض. دمج هذه الممارسات في الروتين اليومي يمكن أن يكون إضافة قيمة لخطط الرعاية الشاملة للمرضى، ويؤكد على قوة الطبيعة في شفاء الروح والجسد.














