تأثير الألعاب على الصحة العقلية هل تُعزز الرفاهية أم تُفاقم المشكلات النفسية؟

الصحة والجمال

استمع الي المقالة
0:00

في عالم اليوم، تُعد الألعاب (Gaming) جزءًا لا يتجزأ من حياة الملايين حول العالم، من ألعاب الفيديو التنافسية إلى الألعاب اللوحية وألعاب الألغاز على الهواتف الذكية. لكن النقاش حول تأثير الألعاب على الصحة العقلية لا يزال محتدماً. فبينما يُشير البعض إلى فوائدها المحتملة في تعزيز الرفاهية والقدرات المعرفية، تُثير فئة أخرى مخاوف جدية بشأن قدرتها على مفاقمة المشكلات النفسية مثل الإدمان، القلق، والاكتئاب. فهم هذا التأثير المزدوج أمر بالغ الأهمية لتحديد متى تُصبح الألعاب أداة مفيدة للتحسين، ومتى تتحول إلى مصدر للضرر.

لطالما كان يُنظر إلى الألعاب على أنها مجرد ترفيه. أما الآن، ومع تزايد تعقيدها وتفاعليتها، أصبحت تُشكل بيئات اجتماعية ومعرفية غنية. ورغم أن الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال تُقر بأن الألعاب يُمكن أن تُوفر فوائد تعليمية واجتماعية، فإن منظمة الصحة العالمية قد أدرجت “اضطراب الألعاب” كحالة صحية، مما يُسلط الضوء على ضرورة التوازن والوعي بالمخاطر المحتملة.

هل تُعزز الألعاب الرفاهية العقلية أم تُفاقم المشكلات النفسية؟

1. الجوانب الإيجابية للألعاب على الصحة العقلية:

  • تعزيز المهارات المعرفية: تُحسن الألعاب، خاصة الألغاز والاستراتيجية، من مهارات حل المشكلات، اتخاذ القرار، التفكير النقدي، وسرعة رد الفعل.
  • التخفيف من التوتر والقلق: تُوفر الألعاب ملاذًا ترفيهيًا يُمكن أن يُساعد في تقليل مستويات التوتر والقلق من خلال الانغماس في بيئات ممتعة ومُسليات.
  • التواصل الاجتماعي وبناء المجتمعات: تُمكن الألعاب الجماعية عبر الإنترنت اللاعبين من التواصل مع الأصدقاء، بناء علاقات جديدة، والانتماء إلى مجتمعات افتراضية، مما يُقلل من الشعور بالوحدة.
  • تطوير المرونة والتعامل مع الفشل: في الألعاب، يُعد الفشل جزءًا من عملية التعلم، مما يُمكن اللاعبين من تطوير المرونة والقدرة على المثابرة بعد الإحباط.
  • تحسين المزاج: يُمكن للألعاب أن تُطلق الدوبامين (هرمون المكافأة) في الدماغ، مما يُعزز الشعور بالمتعة ويُحسن المزاج.

2. الجوانب السلبية والمخاطر المحتملة:

  • إدمان الألعاب (اضطراب الألعاب): تُشير منظمة الصحة العالمية إلى “اضطراب الألعاب” عندما يُصبح سلوك اللعب نمطًا مُستمرًا أو متكررًا، ويتسم بضعف التحكم في اللعب، وزيادة الأولوية المُعطاة للعب على الأنشطة الأخرى، واستمرار اللعب أو زيادته رغم حدوث عواقب سلبية.
  • زيادة القلق والاكتئاب: الاستخدام المفرط أو المُجبر للألعاب، خاصة إذا كان يُؤثر على النوم أو العلاقات الاجتماعية أو الأداء الأكاديمي/المهني، يُمكن أن يُساهم في تفاقم مشاعر القلق والاكتئاب.
  • العزلة الاجتماعية: على الرغم من الجانب الاجتماعي للألعاب عبر الإنترنت، يُمكن أن يُؤدي الانغماس المفرط إلى إهمال العلاقات الاجتماعية في العالم الحقيقي والعزلة.
  • اضطرابات النوم: يُؤثر التعرض لضوء الشاشات الأزرق في وقت متأخر من الليل والإثارة المرتبطة بالألعاب على جودة النوم وأنماطه.
  • مشكلات الصحة الجسدية: تُؤدي قلة الحركة، آلام الرقبة والظهر، إجهاد العين، والسمنة إلى مشاكل صحية جسدية تُؤثر بدورها على الصحة العقلية.
  • التعرض للمحتوى السلبي: تُمكن بعض الألعاب من تعريض اللاعبين للعنف، التنمر، أو خطاب الكراهية، مما يُؤثر على الصحة النفسية.

3. التوازن واللعب الصحي:

  • تحديد الوقت: وضع حدود زمنية للعب والالتزام بها.
  • التنوع في الأنشطة: الحرص على ممارسة أنشطة أخرى مثل الرياضة، القراءة، قضاء الوقت مع العائلة والأصدقاء.
  • اختيار الألعاب المناسبة: تفضيل الألعاب التي تُعزز التفكير النقدي، الإبداع، والتفاعل الإيجابي.
  • اليقظة الذاتية: الانتباه إلى المشاعر التي تُثيرها الألعاب، والبحث عن المساعدة المهنية إذا بدأت الألعاب في التأثير سلباً على الحياة اليومية.

الألعاب، مثل أي نشاط ترفيهي، تحمل في طياتها القدرة على الإفادة والضرر. مفتاح الاستفادة من جوانبها الإيجابية وتجنب مخاطرها يكمن في الاعتدال، الوعي، ودمجها كجزء متوازن من نمط حياة صحي وشامل.