شركات ناشئة تُطلق شاحنات كهربائية بمدى 1000 كم.. هل تتخلى شركات النقل عن الديزل للأبد؟

سيارات

استمع الي المقالة
0:00

أصبح سباق إنتاج الشاحنات الكهربائية الثقيلة (Heavy-Duty Electric Trucks) أكثر سخونة بعد إعلان عدة شركات ناشئة، مدعومة باستثمارات ضخمة من رؤوس الأموال المغامرة، عن نماذج لشاحنات قادرة على قطع 1000 كيلومتر (حوالي 620 ميلًا) بشحنة واحدة. هذا الإنجاز، الذي كان يُنظر إليه حتى وقت قريب على أنه “أحلام يقظة” في قطاع النقل الثقيل، يُعد تحولًا جذريًا يهدد بإنهاء هيمنة محركات الديزل على قطاع اللوجستيات والشحن لمسافات طويلة. المشكلة الأساسية التي واجهت كهربة الشاحنات كانت دائمًا تتعلق بوزن وحجم البطارية اللازمة لتوفير مدى عملي يتناسب مع رحلات الشحن الطويلة، دون التضحية بحمولة الشاحنة. الابتكارات الجديدة لم تأتِ فقط من تحسين كثافة الطاقة في خلايا الليثيوم، بل أيضاً من تطبيق تصميمات هيكلية جديدة للشاحنة تدمج حزمة البطارية كجزء أساسي من الشاسيه، مما يقلل من الوزن الإجمالي ويزيد من الكفاءة الهوائية. هذا التطور التكنولوجي لم يعد مجرد إثبات مفهوم، بل أصبح حقيقة تجارية، حيث بدأت كبرى شركات النقل والخدمات اللوجستية في تقديم طلبات شراء كبيرة لهذه الشاحنات التجريبية. التأثير الاقتصادي لهذه الشاحنات سيكون هائلاً. تكلفة تشغيل الشاحنة الكهربائية هي أقل بكثير من نظيرتها التي تعمل بالديزل، خاصة عند الأخذ في الاعتبار انخفاض تكاليف الوقود والصيانة. الشاحنات الكهربائية تحتوي على أجزاء متحركة أقل بكثير من محركات الاحتراق الداخلي، مما يقلل الحاجة إلى تغيير الزيوت والفلاتر ويقلل من أعطال علب التروس. التقديرات تشير إلى أن شركة نقل كبيرة يمكنها توفير ملايين الدولارات سنويًا في تكاليف الصيانة والوقود بمجرد تحويل نسبة كبيرة من أسطولها. هذا التوفير الاقتصادي، إلى جانب حوافز الحكومات المتزايدة لتبني النقل النظيف، يسرّع من قرار الشركات بالتحول. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات كبيرة تواجه عملية التبني الواسع. بنية الشحن التحتية (Charging Infrastructure) المخصصة للشاحنات الثقيلة ما زالت في مهدها. شحن بطارية ضخمة لشاحنة تحتاج إلى قدرة كهربائية هائلة وفي وقت قصير، مما يتطلب محطات شحن خاصة على طول الطرق السريعة. الاستثمار في هذه البنية التحتية يتطلب تعاونًا بين الحكومات وشركات الطاقة وشركات السيارات. بالإضافة إلى البنية التحتية، تظل إدارة الحرارة تحديًا تقنيًا. الشحن السريع يولد حرارة كبيرة، والحفاظ على كفاءة البطارية وطول عمرها يتطلب أنظمة تبريد متقدمة وموثوقة. الشركات الناشئة تبحث أيضًا في دمج خلايا الوقود الهيدروجينية (Hydrogen Fuel Cells) كنظام داعم، يوفر شحنًا إضافيًا لزيادة المدى في المناطق التي يصعب فيها الوصول إلى محطات الشحن الكهربائي عالية الطاقة. على الرغم من أن الشركات المصنعة التقليدية للديزل مثل فولفو ودايملر دخلت السباق بالفعل، فإن الشركات الناشئة المتخصصة في التكنولوجيا تقدم تصاميم أكثر جرأة. هذا السباق التكنولوجي يعني أننا قد نرى النقل بالشاحنات يتحول بالكامل إلى الطاقة النظيفة خلال العقد القادم، مما سيكون له أثر عميق على الحد من الانبعاثات الكربونية العالمية. هذا التحول سيغير كل شيء، من تصميم الشاحنات إلى اقتصاديات شركات النقل العالمية.